قال أميرالمؤمنين عليه السلام : « ما قلعت باب خيبر بقوة جسمانية بل بقوة ربانية » والمعنى الذي يمكن فهمه ولا ينافي اصول الدين من الفناء في الله والبقاء بالله هو هذا المعنى (١). وبعبارة اخرى : الحجب النورانية الموانع التي للعبد عن الوصول إلى قربه وغاية ما يمكنه من معرفته سبحانه من جهة العبادات كالرئاء والعجب والسمعة والمراء وأشباهها ، والظلمانية ما يحجبه من المعاصي عن الوصول إليه ، فإذا ارتفعت تلك الحجب تجلى الله لى في قلبه ، وأحرق محبة ما سواه حتى نفسه عن نفسه وسيأتي تمام القول في ذلك في كتاب الايمان والكفر إنشاء الله تعالى ، وكل ذلك لا يوجب عدم وجوب الايمان بظواهرها إلا بمعارضة نصوص صحيحة صريحة صارفة عنها وأول الالحاد سلوك التأويل من غير دليل ، والله الهادي إلى سواء السبيل.
____________________
(١) الطريق الذى سلكه العلامة المؤلف رضوان الله عليه في كلامه هذا أشبه بطرق أهل الذوق وبياناتهم فلا بأس بالاشارة إلى طريق اهل البحث والنظر ليكون النفع أعم والفائدة أتم والله المستعان.
العالم المادى عالم الحركة والتكامل ، والنفس ايضا لتعلقها بالبدن المادى بل اتحادها به محكوم بهذا الحكم فهى لا تزال تسير في منازل السير وتعرج على مدارج الكمال وتقترب إلى الحق المتعال حتى تصل إلى ثغور الامكان والوجوب فعندئذ ينتهى السير ويقف الحركة « وان إلى ربك المنتهى » ومنازل السيرهى المراتب المتوسطة بين المادة وبين اشرف مراتب الوجود وهى بوحه ينقسم إلى مادية وغير مادية والاولى هى المراحل التى تقطعها حتى تصل إلى حد التجرد والثانية هى المراتب الكمالية العالية التى فوق ذلك وحيث إن نسبة كل مرتبة عالية بالنسبة إلى ما تحته نسبة العلة إلى المعلول والمعنى الاسمى إلى الحرفى والمستقل إلى غير المستقل كانت المرتبة العالية مشتملة على كمالات المرتبة الدانية من غير عكس فكلما أخذ قوس الوجود في النزول ضعفت المراتب وكثرت الحدود العدمية ، وكلما أخذ في الصعود اشتدت المراتب وقلت الحدود إلى ان تصل إلى وجود لاحد له أصلا ووصول النفس إلى كل مرتبة عبارة عن تعلقها بتلك المرتبة ، وبعبارة اخرى بمشاهدة ارتباطها بها بحيث لاترى لنفسها استقلا لابالنسبة إليها ، وإن شئت قلت : بفنائها عن ذاتها وخروجها عماله من الحدود بالنسبة اليها.
وبعد هذه المقدمة نقول : الحدود اللازمة لكل مرتبة العارضة لحقيقة وجود الشئ