الذي توفي فيه : ادعوا إلي أخي. قال : فأرسلوا إلى علي عليه السلام فدخل ، فوليا وجوههما إلى الحائط وردا عليهما ثوبا فأسر إليه والناس محتوشون وراء الباب فخرج علي عليه السلام فقال له رجل من الناس : أسر إليك نبي الله شيئا؟ قال : نعم أسر إلي ألف باب في كل باب ألف باب. وقال : وعيته؟ قال : نعم ، وعقلته. فقال : فما السواد الذي في القمر؟ قال : إن الله عزوجل قال « وجعلنا الليل و النهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة » قال له الرجل : عقلت يا علي (١).
بيان : « فوليا » أي النبي وعلي عليهما السلام ويقال « احتوش القوم على فلان » أي جعلوه وسطهم ، ويقال « وعاه » أي حفظه ، والظاهر أن السؤال كان عن علة الكلف في القمر فأجاب عليه السلام بأنه إنما جعل فيه ذلك ليقل نوره ويحصل الفرق بينه وبين الشمس فيمتاز الليل من النهار كما يدل عليه خبر ابن سلام فالمحو في الآية تقليل نور القمر بإحداث الكلف فيه. واعلم أنهم اختلفوا في سبب الكلف فقيل : خيال لاحقيقة له ، واورد عليه بأنه يستحيل عادة توافق جميع الناس في خيال واحد لاحقيقة له. وقيل : هو شبح ما ينطبع فيه من السفليات من الجبال والبحار وغيرها وزيف بأنه لو كان كذلك لكان يختلف باختلاف القمر في قربه وبعده وانحرافه عما ينطبع فيه. وقيل : هو السواد الكائن في الوجه الآخر ، واورد عليه بأنه لو كان كذلك لم يرمتفرقا. وقيل : وهو سحق النار للقمر ، واجيب بأنه غير مماس للنار لانه مركوز في تدوير هو في ثخن حالم ، فبينه وبين النار بعد بعيد ، ولو فرض أنه في حضيض التدوير مع كونه في حضيض الحامل لم يتصور هناك مماسة إلا بنقطة واحدة ، وأيضا فهو غير قابل للتسخن عندهم فكيف ينسحق بها. وقيل : هو جزء منه لايقبل النور كسائر أجزائه القابلة له ، واورد عليه أنه مخالف لما ذهبوا إليه من بساطة الفلكيات فيبطل جميع قواعدهم المنية على بساطتها. وقيل : هو وجه القمر فإنه مصور بصورة إنسان ، فله عينان وحاجبان وأنف وفم ، واجيب بأنه
____________________
(١) الخصال : ١٥٧.