ثم إنه يرد الاشكال على هذه الاخبار من وجوه : الاول أن ركود الشمس حقيقة مخالف لما يشهد به الحس من عدم التفاوت في أجزاء النهار وقطع قسي مدارات الشمس والثانى أن الشمس في كل آن في نصف النهار لقوم ، فيلزم سكون الشمس دائما. الثالث أن التفاوت بين يوم الجمعة وغيره أيضا مما يشهد الحس بخلافه الرابع أن حرارة الشمس ليس باعتبار جرمه حتى يقع تعذيب أرواح المشركين بتقريبهم من عين الشمس ، بل باعتبار انعكاس الاشعة عن الاجسام الكثيفة ، ولذا كلما بعد عن الارض كان تأثير الحرارة فيه أخف.
ويمكن الجواب عن الاول والثالث بأنه يمكن أن يكون الركود قليلا لايظهر في الآلات التي تعرف بها الساعات ، ولايمكن الحكم على التواسع والعواشر وأقل منها على اليقين ، وإنما مبناها على التخمين. وعلى الثاني بأنه يمكن أن يكون المراد نصف نهار موضع خاص كمكة أو المدينة أو قبة الارض ، واورد عليه بأنه يلزم أن يقع الركود في البلاد الاخر في الضحى أو في العصر ولا يلتزمه أحد. وعن الرابع بأنه يمكن أن يكون للشمس حرارتان : حرارة من جهة الجرم واخرى من جهة الانعكاس ، وما قيل من أن الفلكيات لاتقبل تلك الكيفيات لم يثبت بدليل قاطع. وربما يؤول الركود بوجهين : الاول أنه عند القرب من نصف النهار يحس بحركة (١) الشمس في غاية البطء ، فكأنه ساكن فاطلق الركود عليه مجازا ، أو بأنه يعدم الظل عند الزوال في بعض البلاد فلا حركة للظل حينئذ فركود الشمس ركود ظله ، وما قيل من أن المراد ركود الظل بناء على ما تقرر من أن بين كل حركتين مستقيمتين سكون فلابد من سكون بين زيادة الظل و نقصانه فلا يخفى بعد حمل الركود على مثل ذلك جدا ، مع أن نسبة الحركة إلى الظل مجاز بل هو إيجاد لبعض أجزاء الظل وإعدام له ، وعلى تقدير كونه حقيقة فليست بحركة مستقيمة. الثانى أنه لما كانت أيام الراحة عند الناس سريعة الانقضاء وأيام الشدة طويلة ، فيوم الجمعة عند المشركين قصيرة لعدم تعذيبهم عند
____________________
(١) حركة ( خ ).