السماء السابعة ، فإنه ثقب بضوئه حتى أضاء في السماء الدنيا ، فمن ثم سماه الله النجم الثاقب ، ثم قال : يا أخا العرب! عندكم عالم؟ قال اليماني : نعم جعلت فداك ، إن باليمن قوما ليسوا كأحد من الناس في علمهم! فقال أبوعبدالله عليه السلام : وما يبلغ من علم عالمهم؟ قال (١) اليماني : إن عالمهم ليزجر الطير ويقفو الاثر في ساعة واحدة مسيرة شهر للراكب المحث المجد فقال أبوعبدالله عليه السلام : فإن عالم المدينة أعلم من عالم اليمن قال اليماني : وما يبلغ من علم عالم المدينة؟ قال عليه السلام : إن علم عالم المدينة ينتهي إلى أن لا يقفو الاثر ولا يزجر الطير و يعلم ما في اللحظة الواحدة مسيرة الشمس تقطع اثني عشر برجا ، واثني عشر برا واثني عشر بحرا ، واثني عشر عالما! فقال له اليماني : ما ظننت أن أحدا يعلم هذا وما يدري ما كنهه قال : ثم قام اليماني (٢).
ايضاح : « لاخير في اللقب » أي في الالقاب الردية ، وذكره عليه السلام كان لبيان الاعجاز ، أو المنهي عنه التنابز بها أولا ، فأما بعد الاشتهار فلا بأس للتعريف وغيره. « هاجت الابل » أي للسفاد ، قال الجوهري : الهائج الفحل الذي يشتهي الضراب (٣) « انتهى » وزجر الطير : الحكم بصياحها وطيرانها على الحوادث تفؤلا وتشؤما ، قال الجزري : الزجر للطير هو التيمن والتشؤم [ بها والتفؤل ] بطيرانها كالسانح والبارح وهو نوع من الكهانة والعيافة (٤) « انتهى » والمراد بقفو الاثر إما ما كان شائعا عند العرب من الاستدلال برؤية أثر القدم على تعيين الذاهب وأنه إلى أين ذهب كما فعلوا ليلة الغار ، أو الاستدلال بالعلامات والآثار والاوضاع الفلكية على الحواث ، وقوله « في ساعة واحدة مسيرة شهر » أي يحكم في ساعة واحدة بتلك الامور على حدوث الحوادث في مسافة وناحية تكون مسيرة
____________________
(١) في المصدر : فقال.
(٢) الاحتجاج : ١٩٣.
(٣) الصحاح : ج ١ ، ص ٣٥٢.
(٤) النهاية : ج ٢ ، ص ١٢٢.