بأنها مؤثرات ناقصة ولكن باقي المؤثرات امور لايتطرق إليها التغير ، أو قال بأنها علامات تدل على وقوع الحوادث حتما فهو مخالف لما ثبت من الدين من أنه سبحانه يمحو ما يشاء ويثبت ، وأنه يقبض ويبسط ويفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ولم يفرغ من الامر ، وهو تعالى كل يوم في شأن ، والظاهر من أحوال المنجمين السابقين وكلماتهم جلهم بل كلهم أنهم لا يقولون بالتخلف وقوعا أو إمكانا ، فيكون تصديقهم مخالفا لتصديق القرآن وما علم من الدين والايمان من هذا الوجه ، ولو كان منهم من يقول بجواز التخلف ووقوعه بقدرة الله واختياره ، وأنه تزول نحوسة الساعات بالتوكل والدعاء والتوسل والتصدق ، وينقلب السعد نحسا والنحس سعدا ، وبأن الحوادث لايعلم وقوعها إلى إذا علم أن الله سبحانه لم تتعلق حكمته بتبديل أحكامها كان كلامه عليه السلام مخصوصا بمن لم يكن كذلك فالمرادبقوله « صرف عنه السوء وحاق به الضر » أي حتما. قوله عليه السلام « في قولك » أي على قولك أو بسبب قولك ، أو هي للظرفية المجازية « إلا ما يهتدى به » إشارة إلى قوله سبحانه « وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر (١) ».
والكهانة بالفتح : مصدر قولك كهن بالضم أي صار كاهنا ، ويقال كهن يكهن كهانة مثل كتب يكتب كتابة إذا تكهن ، والحرفة الكهانة بالكسر ، وهي عمل يوجب طاعة بعض الجان له بحيث يأتيه بالاخبار الغائبة ، وهو قريب من السحر. قيل : قد كان في العرب كهنة كشق وسطيح وغيرهما ، فمنهم من يزعم أن له تابعا من الجن ورئيا يلقي إليه الاخبار ، ومنهم من كان يزعم أنه يعرف الامور بمقدمات وأسباب يستدل بها على مواقعها من كلام من يسأله أو فعله أو حاله وهذا يخصونه باسم العراف ، كالذي يدعي معرفة الشئ المسروق ومكان الضالة ونحوهما. ودعوة علم النجوم إلى الكهانة إما لانه ينجر أمر المنجم إلى الرغبة في تعلم الكهانة والتكسب به ، أو ادعاء ما يدعيه الكاهن. والسحر قيل :
____________________
(١) الانعام : ٩٧.