لم نطقه نحن وهذا الخلق الكثير والجم الغفير ، فكيف نطيقه الآن دونهم؟! فقال الله عزوجل : « لاني أنا الله المقرب للبعيد ، والمذلل للعبيد ، والمخفف للشديد والمسهل للعسير ، أفعل ما أشاء وأحكم ما اريد ، اعلمكم كلمات تقولونها يخف » (١) بها عليكم. قالوا : وما هي؟ قال : تقولون « بسم الله الرحمن الرحيم ولاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمد وآله الطيبين » فقالوها فحملوه ، و خف على كواهلهم كشعرة نابتة على كاهل رجل جلد قوي. فقال الله عزوجل لسائر تلك الاملاك : خلوا على هؤلاء الثمانية عرشي ليحملوه ، وطوفوا أنتم حوله وسبحوني ومجدوني وقد سوني ، فأنا الله القادر [ المطلق ] على ما رأيتم وعلى كل شئ قدير.
بيان : « الفضفاضة » الواسعة ذكره الجوهري ، وقال : الجلد الصلابة و الجلادة ، تقول منه جلد الرجل بالضم فهو جلد.
٥٤ ـ روضة الواعظين : روى جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده عليهم السلام أنه قال : في العرش تمثال ما خلق الله من البر والبحر (٢) قال : وهذا تأويل قوله « وإن من شئ إلا عندنا خزائنه » (٣) وإن بين القائمة من قوائم العرش والقائمة الثانية خفقان الطير المسرع مسيرة ألف عام ، والعرش يكسى كل يوم سبعين ألف لون من النور لا يستطيع أن ينظر إليه خلق من خلق الله ، والاشياء كلها في العرش كحلقة في فلاة ، وإن لله تعالى ملكا يقال له « خرقائيل » له ثمانية عشر ألف جناح ، ما بين الجناح إلى الجناح خمسمائة عام ، فخطر له خاطر : هل فوق العرش شئ؟ فزاده الله تعالى مثلها أجنحة اخرى ، فكان له ست وثلاثون ألف جناح ، ما بين الجناح إلى الجناح خمسمائة عام ، ثم أوحى الله إليه : أيها الملك طر ، فطار مقدار عشرين ألف عام لم ينل رأس (٤) قائمة من قوائم العرش ، ثم ضاعف الله له في الجناح والقوة
____________________
(١) يخفف ( خ ).
(٢) في المصدر : في البر والبحر.
(٣) الحجر : ٢١.
(٤) راسه ( خ ).