وقد أسم على يديه حين اسر وحمل إليه : إن للعجم حسابا يسمونه « ماه روز » وأسنده إلى من غلب عليهم من الاكاسرة ، وبين كيفية استعماله ، فعربوا « ماه روز » بمورخ ، وجعلوا مصدره التاريخ ، فقال ابن الخطاب : ضعوا للناس تاريخا نضبط به أوقاتهم. فقال بعض الحاضرين من مسلمي اليهود : لنا حساب مثله نسنده إلى إسكندر ، فما ارتضاه الصحابة ، واتفقوا على أن يجعل مبدؤه هجرة النبي صلى الله عليه وآله ، إذ بها ظهرت دولة الاسلام ، وكانت الهجرة يوم الثلثاء لثمان خلون من شهر ربيع الاول ، وأول هذه السنة أعني المحرم كان يوم الخمس بحسب الامر الاوسط ، وعلى قول أهل الحديث ، ويوم الجمعة بحسب الرؤية و حساب الاجتماعات ، فعمل عليه في أكثر الازياج إلا زيج المعتبر فإنه عمل على يوم الخميس ، وكان اتفاقهم على ذلك في سنة سبع عشرة من الهجرة ومبادئ شهور تلك السنة على الرؤية وقد تكون تامة وأكثر المتوالية منها أربعة ، وقد تكون ناقصة وأكثر المتوالية منها ثلاثة.
واعلم أن القوم تمسكوا في اختيار واقعة الهجرة بمبدء التواريخ الاسلامية على سائر الوقائع المعروفة كالمبعث والمولد بوجوه ضعيفة ، كقولهم إن المبعث غير معلوم ، والمولد مختلف فيه ، ولا يخفى وهنه ، فإنه لو اريد بذلك عدم اتفاقهم في شئ منهما على يوم معين من شهر معين فظاهر أن أمر الهجرة أيضا كذلك كما بيناه في محله ، مع أن العلم باليوم والشهر لامدخل له في المطلوب وهو ظاهر ، و إن اريد به اختلافهم في خصوص سنتيهما فكلا ، فإنه لاخلاف فيه في زماننا فضلا عن أوائل الاسلام ، وكذا الوجوه الاخرى التي ذكروها في هذا الباب ، ولقد عثرت على خبر يصلح مرجحا ومخصصا لذلك قل من تفطن به ، وهو ما ورد في خبر الصحيفة الشريفة السجادية صلوات الله على من الهمها حيث قال الصادق عليه السلام : إن أبي حدثني عن أبه ، عن جده ، عن علي عليهم السلام أن رسول الله (ص) أخذته نعسة وهو على منبره ، فرأى في منامه رجالا ينزون على منبره نزو القردة ، يردون الناس على أعقابهم القهقرى! فاستوى رسول الله صلى الله عليه وآله جالساوالحزن يعرف في