تفسير : « جعل لكم النجوم » أي خلقها لمنافعكم « لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر » قيل : أي في ظلمات الليل في البر والبحر ، وإضافتها إليهما للملابسة أو في مشتبهات الطرق سماها ظلمات على الاستعارة وهو إفراد لبعض منافعها بالذكر بعد أن أجملها بقوله « لكم » واولت النجوم في الاخبار بالائمة الاخيار عليهم السلام فإنهم الهداة في ظلمات الفتن والشبهات ولا ينافي الظاهر. « قد فصلنا الآيات » بيناها فصلا فصلا « لقوم يعلمون » فانهم المنتفعون به.
« لا تفتح لهم أبواب السماء » أي لادعيتهم وأعمالهم ، أولارواحهم كما تفتح لاعمال المؤمنين وأرواحهم ، ويدل على أن للسماء أبوابا ، وربما يحمل على المجاز. « بغير عمد ترونها » قال الرازي : في قوله « ترونها » أقوال : الاول أنه كلام مستأنف والمعنى : رفع السماوات بغير عمد ، ثم قال ترونها أي وأنتم ترونها أنها مرفوعة بلا عماد الثانى قال الحسن : في الآية (١) تقديم وتأخير ، تقديره : رفع السماوات ترونها بغير عمد. الثالث أن قوله « ترونها » صفة للعمد ، والمعنى : بغير عمد مرئية أي للسماوات عمد ولكنا لانراها ، قالوا : ولها عمد على جبل قاف وهو جبل من زبرجد محيط بالدنيا ولنكم لاترونه ، وهذا التأويل في غاية السقوط لانه تعالى إنما ذكر هذا الكلام ليكون حجة على وجود الاله القادر ولو كان المراد ما ذكروه ما تمت (٢) الحجة ، لانه يقال : إن السماوات لما كانت مستقرة على جبل (٣) فأى دلالة [ تبقى ] فيها على وجود الاله؟
وعندي فيه وجه آخر أحسن من الكل ، وهو أن العماد ما يعتمد عليه وقد دللنا على أن هذه الاجسام إنما بقيت واقفة في الجو العالي بقدرة الله فحينئذ يكون عمدها هو قدرة الله تعالى فصح أن يقال رفع السماوات بغير عمد ترونها أي
____________________
(١) في المصدر : في تقدير الاية.
(٢) في المصدر : لما ثبتت الحجة.
(٣) في المصدر : على جبل قاف.