٧ ـ العلل ، لمحمد بن علي بن إبراهيم قال : بكاء السماء احمرارها من غير غيم وبكاء الأرض زلازلها (١) وتسبيح الشجر حركتها من غير ريح وتسبيح البحار زيادتها ونقصانها وتسبيح الشجر نموه ونشوؤه وقال أيضا ظله يسبح الله.
بيان قد مضى من البيان في تفسير الآيات ما يمكن به فهم هذه الأخبار والحاصل أن تنقض الجدار لدلالتها على حدوث التغير فيها وفنائها نداء منها بلسان حالها على افتقارها إلى من يوجدها ويبقيها منزها عن صفاتها المحوجة إلى ذلك وأيضا نقصانات الخلائق دلائل على كمالات الخالق وكثراتها واختلافاتها ومضاداتها شواهد وحدانيته وانتفاء الشريك عنه والند والضد له كما قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه بتشعيره المشاعر عرف أن لا مشعر له وبتجهيره الجواهر عرف أن لا جوهر له (٢) وبمضادته بين الأشياء (٣) عرف أن لا ضد له وبمقارنته بين الأشياء عرف أن لا قرين له (٤). والحاصل أن جميع المصنوعات والممكنات بصفاتها ولوازمها وآثارها دالة على صانعها وبارئها ومصورها وعلمه وحكمته شاهدة بتنزهه عن صفاتها المستلزمة للعجز والنقصان مطيعة لربها في ما خلقها له وأمرها به من مصالح عالم الكون موجه إلى ما خلقت له فسكون الأرض خدمتها وتسبيحها وصرير الماء وجريه تسبيحه وطاعته وقيام الأشجار والنباتات ونموها وجري الريح وأصواتها وهذه الأبنية وسقوطها وتحريق النار ولهبها وأصوات الصواعق وإضاءة البروق وجلاجل الرعود وجري الطيور في الجو ونغماتها كلها طاعة لخالقها وسجدة وتسبيح وتنزيه له سبحانه.
قال بعض العارفين خلق الله الخلق ليوحدوه فأنطقهم بالتسبيح والثناء عليه والسجود فقال « أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ » (٥) وقال أيضا « أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي
__________________
(١) زلزالها ( خ ).
(٢) ليس هذه الجملة في النهج.
(٣) في النهج : الأمور.
(٤) النهج : ج ١ ، ص ٣٥٥.
(٥) النور : ٤١.