هو مؤيد للدين مؤكد لأدلة الله تعالى على ربوبيته وحكمته وتوحيده وممن دان به من رؤساء المتكلمين النظام وذهب إليه البلخي ومن اتبعه في المقال.
وقال الشيخ الرضي أمين الدين الطبرسي نور الله مرقده في مجمع البيان في تفسير سورة الفيل بعد إيراد القصة المشهورة وفيه حجة لائحة قاصمة لظهور الفلاسفة والملحدين والمنكرين للآيات الخارقة للعادات فإنه لا يمكن نسبة شيء مما ذكره الله من أمر أصحاب الفيل إلى طبع وغيره كما نسبوا الصيحة والريح العقيم والخسف وغيرها مما أهلك الله تعالى به الأمم الخالية إلى ذلك إذ لا يمكنهم أن يروا في أسرار الطبيعة إرسال جماعات من الطير معها أحجار معدة مهيأة لهلاك أقوام معينين قاصدات إياهم دون من سواهم فترميهم بها حتى تهلكهم وتدمر عليهم لا يتعدى ذلك إلى غيرهم ولا يشك من له مسكة من عقل ولب أن هذا لا يكون إلا من فعل الله
__________________
قدحه والطعن عليه دون أن نحمل كلامه على التقية من المسلمين والخوف من التكفير والتشهير والحاصل أن الحكم ليس دائرا مدار الاسم ، فليس طعن فقيه على الفلاسفة الملحدين دليلا على بطلان رأى كل فيلسوف في كل عصر وفي كل مسألة ، كما ان تجليل حكيم للفلاسفة الالهيين لا يصير دليلا على حقية جميع آراء الفلاسفة في جميع الأزمنة والامكنة! والحق أحق أن يتبع أينما وجد.
٤ ـ ان الذي ثبت من مدح الفلاسفة الالهيين أنهم رفعوا لواء التوحيد في عهد وفي أرض كان يسيطر فكرة الشرك والوثنية على القلوب ، ووجهوا أنظار الجمهور إلى ما وراء الطبيعة بينما كان ائمة الكفر يدعون الناس إلى الطبيعة والدهر ، وقادوا بالهمم إلى العالم الأبدي وحياة الآخرة حينما كانت تقصر على العالم المادى وتخلد إلى الأرض والحياة الدنيا. وإذا كانت علوم الطب والهندسة وامثالها ترتضع من ثدى النبوة فلا غروان تكون منشأ تلك المعارف العالية تعاليم رجال الوحى وان وقع فيها بعد حين تحريف او سوء تعبير وتفسير. وأما أنهم هل كانوا يدينون دين الحق ، أو كانوا يرفضون دعوة الأنبياء ويجحدون الحق بعد ما تمت عليهم الحجة وقامت عليهم البينة ، أو كانوا مختلفين في ذلك ، فذلك مما لم يتحقق لنا بعد ولعل من يصر على أنهم ملحدون جاحدون للحق ويدعو عليهم بمضاعفة العذاب له حجة على مدعاه ، والله عليم بذات الصدور. نستعيذ بالله تعالى من لحن القول ولهو الحديث ونسأله التوفيق لملازمة الحق وسواء الطريق.