بالعقوبة على كفرانها.
« إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها » قيل ما على الأرض المواليد الثلاثة المعادن والنباتات والحيوانات وأشرفها الإنسان وقيل لا يدخل المكلف فيه لأن ما على الأرض ليس زينة لها على الحقيقة وإنما هو لأهلها لغرض الابتلاء فالذي له الزينة يكون خارجا عن الزينة « لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً » في تعاطيه وهو من زهد فيه ولم يغتر به وقنع منه بالكفاف.
« لَهُ ما فِي السَّماواتِ » قال الرازي مالك لما في السماوات من ملك ونجم وغيرهما ومالك لما في الأرض من المعادن والفلزات ومالك لما بينهما من الهواء ومالك لما تحت الثرى فإن قيل الثرى هو السطح الأخير من العالم فلا يكون تحته شيء فكيف يكون الله تعالى مالكا له قلنا الثرى في اللغة هو التراب الندي فيحتمل أن تكون تحته شيء فهو إما الثور أو الحوت أو الصخرة أو البحر أو الهواء على اختلاف الروايات (١) انتهى.
وقال الطبرسي ره الثرى التراب الندي يعني وما وارى الثرى من كل شيء وقيل يعني ما في ضمن الأرض من الكنوز والأموات (٢).
« الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً » أي كالمهد تتمهدونها « وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً » أي وحصل لكم فيها سبلا بين الجبال والأودية والبراري تسلكونها من أرض إلى أرض لتبلغوا منافعها « وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً » أي مطرا « فَأَخْرَجْنا بِهِ » قيل عدل من لفظ الغيبة إلى التكلم على الحكاية لكلام الله تعالى تنبيها على ظهور ما فيه من الدلالة على كمال القدرة والحكمة وإيذانا بأنه مطاع تنقاد الأشياء المختلفة بمشيته « أَزْواجاً » أي أصنافا « مِنْ نَباتٍ » بيان وصفة لأزواجا وكذلك « شَتَّى » ويحتمل أن يكون صفة للنبات فإنه من حيث إنه مصدر في الأصل يستوي فيه الواحد والجمع وهو جمع شتيت كمريض ومرضى أي متفرقات في الصور والأعراض والمنافع
__________________
(١) مفاتيح الغيب : ج ٢٢ ، ص ٨.
(٢) مجمع البيان : ج ٧ ، ص ٢.