« أَتُتْرَكُونَ » إنكار لأن يتركوا كذلك أو تذكير بالنعمة في تخلية الله إياهم وأسباب تنعمهم آمنين ثم فسر بقوله « فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ » أي لطيف لين للطف التمر أو لأن النخل أنثى وطلع إناث النخل ألطف وهو يطلع منها كنصل السيف في جوفه شماريخ القنو أو متدل منكسر من كثرة الحمل « فارِهِينَ » أي حاذقين أو بطرين « حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ » أي ذات منظر حسن يبتهج به من رآه ولم يقل ذوات بهجة لأنه أراد تأنيث الجماعة ولو أراد تأنيث الأعيان لقال ذوات « قَوْمٌ يَعْدِلُونَ » أي يشركون بالله غيره « قَراراً » أي مستقرا لا تميل ولا تميد بأهلها « وَجَعَلَ خِلالَها » أي في وسط الأرض وفي مسالكها ونواحيها « أَنْهاراً » جارية ينبت بها الزرع ويحيي به الخلق « وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ » أي ثوابت أثبتت بها الأرض « وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً » أي مانعا من قدرته بين العذب والمالح فلا يختلط أحدهما بالآخر « مُخْتَلِفاً أَلْوانُها » قيل أي أجناسها أو أوصافها على أن كلا منها لها أصناف مختلفة أو هيأتها من الصفرة والخضرة ونحوهما « وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ » أي ذو جدد وخطوط وطرائق يقال جدة الحمار للخطة السوداء على ظهره « مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها » بالشدة والضعف « وَغَرابِيبُ سُودٌ » عطف على بيض أو على جدد كأنه قيل ومن الجبال ذو جدد مختلف اللون ومنها غرابيب متحدة اللون وهو تأكيد مضمر يفسره فإن الغربيب تأكيد للأسود وحق التأكيد أن يتبع المؤكد « مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ » أي كاختلاف الثمار والجبال « إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ » إذ شرط الخشية معرفة المخشي والعلم بصفاته وأفعاله فمن كان أعلم به كان أخشى منه « إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ » تعليل لوجوب الخشية لدلالته على أنه معاقب للمصر على طغيانه غفور للتائب عن عصيانه.
« وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا » المراد جنس الحب « فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ » قيل قدم الصلة للدلالة على أن الحب معظم ما يؤكل ويعاش به « مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ » أي من أنواع النخل والعنب « مِنَ الْعُيُونِ » أي شيئا من العيون ومن مزيدة عند الأخفش « مِنْ ثَمَرِهِ » أي من ثمر ما ذكر وهو الجنات وقيل الضمير لله على طريقة الالتفات و