الثانية الطبقة الطينية وهي المجاورة للماء الثالثة الطبقة المنكشفة من الماء وهي التي تحتبس فيها الأبخرة والأدخنة وتتولد منها المعادن والنباتات والحيوانات وزعموا أن البسائط كلها شفافة لا تحجب عن أبصار ما وراءها ما عدا الكواكب وأن الأرض الصرفة المتجاورة (١) للمركز أيضا شفافة والطبقتان الأخريان ليستا بسيطتين فهما كثيفتان فالأرض جعل الله الطبقة الظاهرة منها ملونة كثيفة غبراء لتقبل الضياء وخلق ما فوقها من العناصر مشفة لطيفة بالطباع لينفذ فيها ويصل إلى غيرها ساطع الشعاع فإن الكواكب وسيما الشمس والقمر أكثر تأثيراتها في العوالم السفلى بوسيلة أشعتها المستقيمة والمنعطفة والمنعكسة بإذن الله تعالى وقالوا الأرض في وسط السماء كالمركز في الكرة فينطبق مركز حجمها على مركز العالم وذلك لتساوي ارتفاع الكواكب وانحطاطها مدة ظهورها وظهور النصف من الفلك دائما وتطابق أظلال الشمس في وقتي طلوعها وغروبها عند كونها على المدار الذي يتساوى فيه زمان ظهورها وخفائها على خط مستقيم أو عند كونها في جزءين متقابلين من الدائرة التي يقطعها بسيرها الخاص بها وانخساف القمر في مقاطراته (٢) الحقيقية للشمس فإن الأول يمنع ميلها إلى أحد الخافقين والثاني إلى أحد السمتين الرأس والقدم والثالث إلى أحد القطبين والرابع إلى شيء منها أو من غيرها من الجهات كما لا يخفى وكما أن مركز حجمها منطبق على مركز العالم فكذا مركز ثقلها وذلك لأن الثقال تميل بطبعها إلى الوسط كما دلت عليه التجربة فهي إذن لا تتحرك عن الوسط بل هي ساكنة فيه متدافعة بأجزائها من جميع الجوانب إلى المركز تدافعا متساويا فلا محالة ينطبق مركز ثقلها الحقيقي المتحد بمركز حجمها التقريبي على مركز العالم ومستقرها عند وسط العالم لتكافؤ القوى بلا تزلزل واضطراب يحدث فيها لثباتها بالسبب المذكور ولكون الأثقال المنتقلة من جانب منها إلى الآخر في غاية الصغر بالقياس إليها لا يوجب انتقال مركز ثقلها من نقطة إلى أخرى بحركة شيء منها وكذا الأجزاء
__________________
(١) المجاورة ( خ ).
(٢) المقاطرة : مقابلة القطرين.