ما مكثوا إلا ثلاثة أيام ثم هلكوا انتهى.
وأقول : قد ورد في أخبارنا أيضا موافقا لما روي عن ابن عباس كما في تفسير العسكري عليهالسلام : كانوا كذلك ثلاثة أيام ثم بعث الله عليهم ريحا ومطرا فجر بهم إلى البحر وما بقي مسخ بعد ثلاثة أيام وأما التي ترون من هذه المصورات بصورها فإنما هي أشباهها لا هي بأعيانها ولا من نسلها.
وروى الصدوق في العلل بإسناده عن عبد الله بن الفضل قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام قول الله عز وجل « وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ » قال إن أولئك مسخوا ثلاثة أيام ثم ماتوا ولم يتناسلوا وإن القردة اليوم مثل أولئك وكذلك الخنزير وسائر المسوخ ما وجد منها اليوم من شيء فهو مثله لا يحل أن يؤكل لحمه (١) الخبر.
وروى في العيون بإسناده عن علي بن محمد بن الجهم قال : سمعت المأمون يسأل الرضا عليهالسلام عما يرويه الناس من أمر الزهرة وأنها كانت امرأة فتن بها هاروت وماروت وما يروونه من أمر سهيل أنه كان عشارا باليمن فقال عليهالسلام كذبوا في قولهم إنهما كوكبان وإنهما كانتا دابتين من دواب البحر فغلط الناس وظنوا أنهما الكوكبان وما كان الله ليمسخ أعداءه أنوارا مضيئة ثم يبقيهما ما بقيت السماء والأرض وإن المسوخ لم يبق أكثر من ثلاثة أيام حتى ماتت وما تناسل منها شيء وما على وجه الأرض اليوم مسخ وإن التي وقعت عليها اسم المسوخية مثل القرد والخنزير والدب وأشباهها إنما هي مثل ما مسخ الله عز وجل على صورها قوما « غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ » بإنكارهم توحيد الله وتكذيبهم رسله الخبر (٢).
أقول : فقد ثبت بهذه الأخبار أن هذه الحيوانات ليست من نسل هؤلاء المسوخ ولا من نوعهم وإنما هي على صورهم وقد عرفت أن المسخ ليس تناسخا لأن الروح لم ينتقل إلى بدن آخر وإنما تغيرت صورة البدن وأما التناسخ بمعنى انتقال
__________________
(١) لم نجد الرواية بعينها في العلل ، ويوجد ما هو قريب المضمون بها في : ج ٢ ، ص ١٧٠.
(٢) العيون ج ١ ص ٢٧١.