النوم وفرق بينهما بحرف التأنيث كالقربة والقربى وهي انطباع الصورة المنحدرة من أفق المتخيلة إلى الحس المشترك والصادقة منها إنما تكون باتصال النفس بالملكوت لما بينهما من التناسب عند فراغها (١) من تدبير البدن أدنى فراغ فتتصور بما فيها مما يليق من المعاني الحاصلة هناك ثم إن المتخيلة تحاكيه بصورة تناسبه فترسلها إلى الحس المشترك فتصير مشاهدة ثم إن كانت شديدة المناسبة لذلك المعنى بحيث لا يكون التفاوت إلا بالكلية والجزئية استغنت الرؤيا عن التعبير وإلا احتاجت إليه.
« مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ » أي من تعبير الرؤيا لأنها أحاديث الملك إن كانت صادقة وأحاديث النفس والشيطان إن كانت كاذبة أو من تأويل غوامض كتب الله وسنن الأنبياء وكلمات الحكماء (٢).
وقال الطبرسي رحمهالله قيل إنه كان بين رؤياه وبين مصير أبيه وإخوته إلى مصر أربعون سنة عن ابن عباس وأكثر المفسرين وقيل ثمانون عن الحسن (٣) وقال النيسابوري قال علماء التعبير إن الرؤيا الردية يظهر أثرها عن قريب لكيلا يبقى المؤمن في الحزن والغم والرؤيا الجيدة يبطئ تأثيرها لتكون بهجة المؤمن أدوم.
« قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً » قال الطبرسي رحمهالله هو من رؤيا المنام كان يوسف عليهالسلام لما دخل السجن قال لأهله إني أعبر الرؤيا فقال أحد العبدين وهو الساقي رأيت أصل حبلة عليها ثلاثة عناقيد من عنب فجنيتها وعصرتها في كأس الملك وسقيته إياها وقال صاحب الطعام إني رأيت كأن فوق رأسي ثلاث سلال فيها الخبز وأنواع الأطعمة وسباع الطير تنهش منه « نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ » أي أخبرنا بتعبيره وما يئول إليه أمره « قالَ لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ » في منامكما « إِلاَّ نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ » في اليقظة قبل أن يأتيكما التأويل « أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً » روي أنه قال :
__________________
(١) كذا في المصدر ، وفي بعض نسخ الكتاب « فراغه ».
(٢) أنوار التنزيل : ج ١ ص ٥٨٥.
(٣) مجمع البيان : ج ٥ ، ص ٢٠٩.