أصدق ساعات الرؤيا وقت السحر وروي عن أبي سعيد قال أصدق الرؤيا بالأسحار.
وقال ابن حجر في فتح الباري ذكر الدينوري أن رؤيا أول الليل يبطئ تأويلها ومن النصف الثاني يسرع وإن أسرعها تأويلا وقت السحر ولا سيما عند طلوع الفجر وعن جعفر الصادق عليهالسلام أسرعها تأويلا رؤيا القيلولة.
تفصيل وتبيين
لما كان أمر الرؤيا وصدقها وكذبها مما اختلفت فيه أقاويل الناس (١) فلا بأس
__________________
(١) مسألة الرؤيا من غوامض المسائل النفسية ، وقد بقيت بعد جهات منها في قيد الإبهام. ولنبدأ بالاشارة إلى جوانب بينة منها لعلها تساعد على توضيح بعض جوانبها الأخرى. فنقول : لا ريب ان النائم عند ما يرى شيئا من المنامات تحصل له إدراكات من غير طرق الحواس الظاهرة وتسمية تلك الادراكات بالخيالات لا تخرجها عن واقعها ، فان الخيال حتى الفاسد الباطل منه له حصول في الذهن ووجود علمى للنفس ، وإنما فساده وبطلانه من ناحية عدم انطباقه على الخارج. ولا ريب في حكاية كثير من المنامات عن وقوع أشياء في الخارج في ما مضى أو ما يأتي مع عدم سبيل للرائى حتى في حال يقظته إلى الاطلاع على شيء منها : وهي أكثر من ان يمكن حملها على الصدقة والاتفاق ، وخاصة منامات الأنبياء والأولياء المشتملة على الوحى والالهام كما أنه لا ريب في ان كثيرا منها تمثلات ذهنية لاميال وآمال وتركيبات وتحليلات لما اختزن من الصور في خزانة الخيال. وهذه النوع الأخير من الرؤيا ـ وإن انقسم إلى اقسام مختلفة ـ يرجع إلى بروز ما كمن في النفس إلى ساحة الحواس الباطنة وادراك النفس لها بتوسيط تلك الحواس مرة اخرى. ومعرفة علل هذا الافاعيل النفسية ومدى ارتباطها بالحالات البدنية والروحية رهينة لتجارب كثيرة لا يزال علماء النفس مشتغلين بها. اما النوع الأول منه فلا يمكن تعليله بأمثال تلك العلل فحسب كما لا يخفى. وبعبارة اخرى حصول هذا النوع من الادراكات للنفس ليس معلولا لحالات فسيولوجية أو ظاهرات بسيكولوجية معينة. فأى حاله بدنية أو نفسية توجب العلم بوجود كنز على مقدار معين في مكان خاص أو بحدوث حادثة مشخصة في زمان خاص في المستقبل؟! وما هو الذي يمكن أن يجعل وجه الربط بين الظاهرات الجسمية والروحية في الإنسان وبين العلم بقضايا عازبة عن ذهنه بموضوعاتها ومحمولاتها؟! فهذه المعلومات ليست مما يستقل به النفس من الإدراك بصرف النظر عما هو خارج عن ذاتها رأسا والغير الذي يمكن أن يشارك النفس في حصول هذه الادراكات لها بوجه.