لعصيانه وكثرة تفريطه في طاعات الله سبحانه ولن ينجو من باطل المنامات وأحلامها إلا الأنبياء والأئمة عليهمالسلام ومن رسخ في العلم من الصالحين.
وقد كان شيخي رضياللهعنه قال لي إن كل من كثر علمه واتسع فهمه قلت مناماته فإن رأى مع ذلك مناما وكان جسمه من العوارض سليما فلا يكون منامه إلا حقا يريد بسلامة الجسم عدم الأمراض المهيجة للطباع وغلبة بعضها على ما تقدم به البيان والسكران أيضا لا يصح منامه وكذلك الممتلئ من الطعام لأنه كالسكران ولذلك قيل إن المنامات قل ما يصح في ليالي شهر رمضان فأما منامات الأنبياء عليهمالسلام فلا تكون إلا صادقة وهي وحي في الحقيقة ومنامات الأئمة عليهمالسلام جارية مجرى الوحي وإن لم تسم وحيا ولا تكون قط إلا حقا وصدقا وإذا صح منام المؤمن فإنه من قبل الله تعالى كما ذكرناه وقد جاء في الحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أنه قال : رؤيا المؤمن جزء من سبعة وسبعين جزءا من النبوة وروي عنه عليهالسلام أنه قال : رؤيا المؤمن تجري مجرى كلام تكلم به الرب عنده.
فأما وسوسة شياطين الجن فقد ورد السمع بذكرها قال الله تعالى « مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ » (١) وقال « وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ » (٢) وقال « شَياطِينَ » (٣) « الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً » (٤) وورد السمع به فلا طريق إلى دفعه.
فأما كيفية وسوسة الجني للإنسي فهو أن الجن أجسام رقاق لطاف فيصح أن يتوصل أحدهم برقة جسمه ولطافته إلى غاية سمع الإنسان ونهايته فيوقع فيه كلاما يلبس عليه إذا سمعه ويشتبه عليه بخواطره لأنه لا يرد عليه ورود المحسوسات من ظاهر جوارحه ويصح أن يفعل هذا بالنائم واليقظان جميعا وليس هو في العقل
__________________
(١) الناس : ٤ ـ ٦.
(٢) الأنعام : ١٢١.
(٣) صدرها : « وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ » الخ.
(٤) الأنعام : ١١٢.