وقال الكرماني في شرح البخاري فقد رآني أي رؤيته ليست أضغاث أحلام ولا تخييلات الشيطان كما روي فقد رأى الحق ثم الرؤية بخلق الله لا يشترط فيها مواجهة ولا مقابلة فإن قيل كثيرا ما يرى على خلاف صفته ويراه شخصان في حالة في مكانين قلت ذلك ظن الرائي أنه كذلك وقد يظن الظان بعض الخيالات مرئيا لكونه مرتبطا بما يراه عادة فذاته الشريفة هي مرئية قطعا لا خيال فيه ولا ظن فإن قلت الجزاء هو الشرط قلت أراد لازمه أي فليستبشر فإنه رآني وقال الطيبي اتحاد الشرط والجزاء يدل على المبالغة أي رأى حقيقتي على كمالها قال وقال القاضي لعله مقيد بما رآه على صفته فإن خالف كان رؤيا تأويل رؤيا حقيقة وهو ضعيف انتهى كلماتهم الواهية.
والظاهر أنها ليست رؤية بالحقيقة وإنما هو بحصول الصورة في الحس المشترك أو غيره بقدرة الله تعالى والغرض من هذه العبارة بيان حقيقة الرؤيا وأنها من الله لا من الشيطان وهذا المعنى هو الشائع في مثل هذه العبارة كأن يقول رجل من أراد أن يراني فلير فلانا أو من رأى فلانا فقد رآني أو من وصل فلانا فقد وصلني فإن كل هذه محمولة على التجوز والمبالغة ولم يرد بها معناها حقيقة.
وأما التأويل الذي ذكره المفيد قدس الله روحه فيما نقلنا عنه في الباب السابق فلا يخفى بعده مع أنه غير محتمل في خبر الرضا عليهالسلام أصلا بل في بعض ألفاظ الروايات العامية أيضا.
بقي الكلام في أنه هل يكون حجة في الأحكام الشرعية فيه إشكال فإنه قد ورد بأسانيد صحيحة عن الصادق عليهالسلام في حديث الأذان أن دين الله تبارك وتعالى أعز من أن يرى في النوم. ويمكن أن يقال المراد أنه لا يثبت أصل شرعية الأحكام بالنوم بل إنما هي بالوحي الجلي ومع ذلك ينبغي أن يخص بنوم غير الأنبياء والأئمة عليهمالسلام لما مر أن نومهم بمنزلة الوحي لكن هذه الأخبار ليست بصريحة في وجوب العمل به إذ لعله مع العلم بكونه منهم عليهمالسلام لم يجب العمل به إذ مناط الأحكام الشرعية العلوم الظاهرة كما أن النبي والأئمة عليهمالسلام كانوا يعرفون كفر