مبنيا على ما يحكم به أهل العرف وذكره لبيان أن مثل تلك الرؤية لا تسمى رؤية حقيقية (١) لا عرفا ولا لغة.
والثاني : أنه يحتمل أن يكون الحكم مبنيا على الضرورة ويجوز في حال الضرورة ما لا يجوز في غيرها فيجوز النظر إلى العورة كنظر الطبيب والقابلة وأمثالهما ولما كان هذا النوع من الرؤية أخف شناعة وأقل مفسدة اختاره عليهالسلام لدفع الضرورة هناك بها فلا يدل على الجواز عند فقد الضرورة وعلى الانطباع والأول أظهر ومع ذلك لا يمكن دفع كون ظاهر الخبر الانطباع وسنتكلم في أصل الحكم في موضعه إن شاء الله تعالى.
٨ ـ توحيد المفضل : قال الصادق عليهالسلام فكر يا مفضل في الأفعال التي جعلت في الإنسان من الطعم والنوم والجماع وما دبر فيها فإنه جعل لكل واحد منها في الطباع نفسه محرك يقتضيه ويستحث به فالجوع يقتضي الطعم الذي به حياة البدن وقوامه والكرى (٢) يقتضي النوم الذي فيه راحة البدن وإجمام قواه والشبق يقتضي الجماع الذي فيه دوام النسل وبقاؤه ولو كان الإنسان إنما يصير إلى أكل الطعام لمعرفته بحاجة بدنه إليه ولم يجد من طباعه شيئا يضطره إلى ذلك كان خليقا أن يتوانى عنه أحيانا بالتثقل والكسل حتى ينحل بدنه فيهلك كما يحتاج الواحد إلى الدواء لشيء مما يصلح به بدنه فيدافع به حتى يؤديه ذلك إلى المرض والموت وكذلك لو كان إنما يصير إلى النوم بالتفكر في حاجته إلى راحة البدن وإجمام قواه كان عسى أن يتثاقل عن ذلك فيدفعه حتى ينهك بدنه ولو كان إنما يتحرك للجماع بالرغبة في الولد كان غير بعيد أن يفتر عنه حتى يقل النسل أو ينقطع فإن من الناس من لا يرغب في الولد ولا يحفل (٣) به فانظر كيف جعل لكل واحد من هذه الأفعال التي بها قوام الإنسان وصلاحه محرك من نفس الطبع يحركه كذلك ويحدوه عليه.
__________________
(١) حقيقة ( خ ).
(٢) الكرى ـ بفتحتين ـ : النعاس.
(٣) أي لا يبالى ولا يهتم به. وفي نسخة « لا يحتمل به » وفي أخرى « ولا بمجفل به ».