ورد الأول بأنه خلاف الظاهر فلا يصار إليه إلا لدليل (١).
وثانيها قوله تعالى « لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ » (٢) فنفى عن الملائكة المعصية نفيا عاما فوجب أن لا يكون إبليس منهم.
وأجيب عنه بأنه قوله تعالى « لا يَعْصُونَ » صفة لخزنة النيران لا لمطلق الملائكة يدل عليه قوله تعالى « عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ » (٣) ولا يلزم من كونهم معصومين كون الجميع كذلك ويرد عليه أن الدلائل الدالة على عصمة الملائكة كثيرة وقد مر كثير منها.
وثالثها أن إبليس له نسل وذرية قال تعالى « أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ » (٤) والملائكة لا ذرية لهم لأنه ليس فيهم أنثى لقوله تعالى « وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً » (٥) والذرية إنما تحصل من الذكر والأنثى.
ويمكن الجواب عنه بعد تسليم دلالة الآية على السلب الكلي بأن انتفاء الأنثى فيهم لا يدل على انتفاء الذرية كما أن الشياطين ليس فيهم أنثى مع أن لهم ذرية كما مر أن ذرية إبليس من نفسه وأنه يبيض ويفرخ.
وقال الشيخ رحمهالله في التبيان من قال إن إبليس له ذرية والملائكة لا ذرية لهم ولا يتناكحون ولا يتناسلون فقد عول على خبر غير معلوم (٦).
ورابعها أن الملائكة رسول الله لقوله « جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً » (٧) ورسل الله معصومون لقوله سبحانه « اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ » (٨) ولا يجوز على رسل الله الكفر
__________________
(١) في النسخة المخطوطة : بدليل.
(٢) التحريم : ٩.
(٣) التحريم : ٩.
(٤) الكهف : ٥١.
(٥) الزخرف : ١٥.
(٦) التبيان ٧ : ٥٧.
(٧) فاطر : ١.
(٨) الأنعام : ١٢٤.