والعصيان ملائكة كانوا أم بشرا.
وأجيب بأنه ليس المراد بالآية العموم لقوله تعالى « اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ » (١) قال في التبيان وكلمة من للتبعيض بلا خلاف (٢).
ولو لم يكن كذلك لجاز لنا أن نخص هذا العموم بقوله تعالى « إِلاَّ إِبْلِيسَ » لأن حمل الاستثناء على أنه منقطع حمل له على المجاز كما أن تخصيص العموم مجاز وإذا تعارضا سقطا لو لم يكن التخصيص أولى (٣).
واستدلوا على مغايرة الجن للملائكة بأن الملائكة روحانيون مخلوقون من الريح في قول بعضهم ومن النور في قول بعضهم ولا يطعمون ولا يشربون والجن خلقوا من النار لقوله تعالى « وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ » (٤) وقد ورد في الأخبار النهي عن التمسح بالعظم والروث لكونهما طعاما لهم ولدوابهم.
وأجيب بمنع المقدمات قال في التبيان الأكل والشرب لو علم فقدهما في الملائكة فلا نعلم أن إبليس كان يأكل ويشرب وقد قيل إنهم يتشممون الطعام ولا يأكلونه (٥) انتهى.
واستدل أيضا بقوله تعالى « وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ » (٦) وعورض بقوله تعالى « وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً » (٧) لأن قريشا قالت الملائكة بنات الله فرد الله عليهم بقوله « سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ » (٨)
__________________
(١) الحج : ٧٥.
(٢) لم يذكر فيه قوله : بلا خلاف ، نعم ذكر في ج ٧ : ٣٤٢ : عند أهل اللغة.
(٣) التبيان ١ : ١٥٣.
(٤) الحجر : ٢٧.
(٥) التبيان ٧ : ٥٧ : لم يذكر فيه قوله : وقد قيل ولعله في موضع آخر.
(٦) سبأ : ٤٠ و ٤١.
(٧) الصافات : ١٥٩ و ١٦٠.
(٨) الصافات : ١٥٩ و ١٦٠.