الشياطين واختلفوا في الجن والشياطين فقيل الشياطين جنس والجن جنس آخر كما أن الإنسان جنس والفرس جنس آخر وقيل الجن منهم أخيار ومنهم أشرار والشياطين اسم لأشرار الجن.
المسألة السادسة المشهور أن الجن لهم قدرة على النفوذ في بواطن البشر وأنكر أكثر المعتزلة ذلك وأما المثبتون فقد احتجوا بوجوه الأول أنه إن كان الجن عبارة عن موجود ليس بجسم ولا جسماني فحينئذ يكون معنى كونه قادرا على النفوذ في باطنه أنه يقدر على التصرف في باطنه وذلك غير مستبعد وإن كان عبارة عن حيوان هوائي لطيف نفاذ كما وصفناه كان نفاذه في باطن بني آدم غير ممتنع قياسا على النفس وغيره.
الثاني قوله تعالى « لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ » (١).
الثالث : قوله عليهالسلام إن الشيطان ليجري من بني آدم مجرى الدم.
أما المنكرون فقد احتجوا بأمور الأول قوله تعالى حكاية عن إبليس « وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي » (٢) صرح بأنه ما كان له على البشر سلطان إلا من الوجه الواحد وهو إلقاء الوسوسة والدعوة إلى الباطل.
والثاني : لا شك أن الأنبياء والعلماء المحققين يدعون الناس إلى لعن الشيطان والبراءة منه فوجب أن تكون العداوة بين الشياطين وبينهم أعظم أنواع العداوة فلو كانوا قادرين على النفوذ في بواطن البشر وعلى إيصال البلاء والشر إليهم لوجب أن يكون تضرر الأنبياء والعلماء منهم أشد من تضرر كل أحد ولما لم يكن كذلك علمنا أنه باطل.
المسألة السابعة : اتفقوا على أن الملائكة لا يأكلون ولا يشربون ولا ينكحون « يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ » وأما الجن والشياطين فإنهم يأكلون ويشربون قال
__________________
(١) البقرة : ٢٧٥.
(٢) إبراهيم : ٢٢.