وقال الطبرسي رحمهالله قوله تعالى « وَخَلَقَ الْجَانَ » أي أبا الجن قال الحسن هو إبليس أبو الجن وهو مخلوق من لهب النار كما أن آدم مخلوق من طين « مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ » أي نار مختلط أحمر وأسود وأبيض عن مجاهد.
وقيل المارج الصافي من لهب النار الذي لا دخان فيه (١) « سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ » أي سنقصد لحسابكم أيها الجن والإنس والثقلان أصله من الثقل وكل شيء له وزن وقدر فهو ثقل وإنما سميا ثقلين لعظم خطرهما وجلالة شأنهما بالإضافة إلى ما في الأرض من الحيوانات ولثقل وزنهما بالعقل والتمييز.
وقيل لثقلهما على الأرض أحياء وأمواتا ومنه قوله تعالى « وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها » أي أخرجت ما فيها من الموتى.
« أَنْ تَنْفُذُوا » أي تخرجوا هاربين من الموت « مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ » أي جوانبهما ونواحيهما « فَانْفُذُوا » أي فاخرجوا فلن تستطيعوا أن تهربوا منه « لا تَنْفُذُونَ إِلاَّ بِسُلْطانٍ » أي حيث توجهتم فثم ملكي ولا تخرجون من سلطاني فأنا آخذكم بالموت (٢).
وقيل أي لا تخرجون إلا بقدرة من الله وقوة يعطيكموها بأن يخلق لكم مكانا آخر سوى السماوات والأرض ويجعل لكم قوة تخرجون بها إليه (٣).
« لَمْ يَطْمِثْهُنَ » أي لم يقتضهن والاقتضاض النكاح بالتدمية (٤) أي لم يطأهن ولم يغشهن « إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌ » فهن أبكار لأنهن خلقن في الجنة.
فعلى هذا القول هؤلاء من حور الجنة.
وقيل هن من نساء الدنيا لم يمسسهن منذ أنشئن خلق قال الزجاج
__________________
(١) مجمع البيان ٩ : ٢٠١.
(٢) ويحتمل أن يكون ذلك جملة مستأنفة.
(٣) مجمع البيان ٩ : ٢٠٤ و ٢٠٥.
(٤) في المصدر : لم يفتضهن ، والافتضاض : النكاح بالتدمية.