كونها كذلك وإنما قالوا « مِنْ بَعْدِ مُوسى » لأنهم كانوا على اليهودية.
وعن ابن عباس أن الجن ما سمعت أمر عيسى فلذا قالوا « مِنْ بَعْدِ مُوسى».
«أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ » أي الرسول أو الواسطة الذي يبلغ عنه.
ويدل على أنه كان مبعوثا إلى الجن كما كان مبعوثا إلى الإنس قال مقاتل ولم يبعث الله نبيا إلى الإنس والجن قبله (١).
واختلفوا في أن الجن هل لهم ثواب أم لا قيل لا ثواب لهم إلا النجاة من النار ثم يقال لهم كونوا ترابا مثل البهائم واحتجوا بقوله تعالى « وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ » وهو قول أبي حنيفة والصحيح أنهم في حكم بني آدم فيستحقون الثواب على الطاعة والعقاب على المعصية وهذا قول أبي ليلى (٢) ومالك وجرت بينه وبين أبي حنيفة في هذا الباب مناظرة قال الضحاك يدخلون الجنة ويأكلون ويشربون.
والدليل على صحة هذا القول كل دليل دل على أن البشر يستحقون الثواب على الطاعة فهو بعينه قائم في حق الجن والفرق بين البابين بعيد جدا انتهى (٣).
وقال البيضاوي في قوله « يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ » وهو بعض ذنوبكم وهو ما يكون في خالص حق الله فإن المظالم لا يغفر بالإيمان « وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ » هو معد للكفار « فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ » إذ لا ينجي منه مهرب « وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءُ » يمنعونه منه « فِي ضَلالٍ مُبِينٍ » حيث اعترضوا عن إجابة من هذا شأنه (٤).
__________________
سائر الكتب الإلهية في الدعوة الى هذه المطالب العالية الشريفة ، والوصف الثاني يفيد ان هذه المطالب التي اشتمل القرآن عليها مطلب حقة صدق في انفسها.
(١) اختصر المصنف كلام الرازي.
(٢) الصحيح كما في المصدر : ابن أبي ليلى.
(٣) التفسير الكبير ٢٨ : ٣١ ـ ٣٣.
(٤) أنوار التنزيل ٢ : ٤٣٢.