الإنسي والأخرى للخائف الجني فإن الخطاب للفريقين.
والمعنى لكل خائفين منكما أو لكل واحد جنة لعقيدته وأخرى لعمله أو جنة لفعل الطاعات وأخرى لترك المعاصي أو جنة يثاب بها وأخرى يتفضل بها عليه أو روحانية وجسمانية (١).
وقال في قوله تعالى « أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ » النفر ما بين الثلاثة والعشرة والجن أجسام عاقلة خفية تغلب عليهم النارية أو الهوائية.
وقيل نوع من الأرواح المجردة وقيل نفوس بشرية مفارقة عن أبدانها وفيه دلالة على أنه صلىاللهعليهوآله ما رآهم ولم يقرأ عليهم وإنما اتفق حضورهم في بعض أوقات قراءته فسمعوها فأخبر الله به رسوله « فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً » كتابا « عَجَباً » بديعا مباينا لكلام الناس في حسن نظمه ودقة معناه وهو مصدر وصف به للمبالغة « يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ » إلى الحق والصواب « فَآمَنَّا بِهِ » بالقرآن « وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً » على ما نطق به الدلائل القاطعة على التوحيد.
« وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا » قرأ ابن كثير والبصريان بالكسر على أنه من جملة المحكي بعد القول وكذا ما بعده إلا قوله « وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا وَأَنَّ الْمَساجِدَ وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ » فإنه من جملة الموحى به ووافقهم نافع وأبو بكر إلا في قوله « أَنَّهُ لَمَّا قامَ » على أنه استئناف أو مقول وفتح الباقون الكل إلا ما صدر بالفاء على أن ما كان من قولهم فمعطوف على محل الجار والمجرور في به كأنه قيل صدقناه وصدقنا « أَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا » أي عظمته من جد فلان في عيني إذا عظم (٢) أو سلطانه أو غناه مستعار من الجد الذي هو البخت.
والمعنى وصفه بالتعالي عن الصاحبة والولد لعظمته أو لسلطانه أو لغناه وقوله « مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً » بيان لذلك « وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا » إبليس أو مردة الجن « عَلَى اللهِ شَطَطاً » قولا ذا شطط وهو البعد ومجاوزة الحد أو هو شطط لفرط
__________________
(١) أنوار التنزيل ٢ : ٤٨٧.
(٢) في المصدر : اي عظم ملكه وسلطانه.