بالخير ثواب الآخرة : « كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ » أي ذللناها لكم حتى لا تمتنع عما تريدون منها من النحر والذبح بخلاف السباع الممتنعة ولتنتفعوا بركوبها وحملها ونتاجها نعمة منا عليكم : « لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ » ذلك (١) : « وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً » أي دلالة تستدلون بها على قدرة الله تعالى : « نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها » أراد به اللبن : « وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ » في ظهورها وألبانها وأولادها (٢) وأصوافها وأشعارها : « وَمِنْها تَأْكُلُونَ » أي من لحومها وأولادها والتكسب بها : « وَعَلَيْها » يعني على الإبل الخاصة : « وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ » وهذا كقوله : « وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ » (٣) أما في البر فالإبل وأما في البحر فالسفن (٤) : « وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِ » التي تدب على وجه الأرض : « وَالْأَنْعامِ » كالإبل والغنم والبقر : « مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ » أي كاختلاف الثمرات والجبال (٥) : « وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ » أي وخلقنا لهم من مثل سفينة نوح سفنا يركبون فيها وقيل إن المراد به الإبل وهي سفن البر عن مجاهد وقيل مثل السفينة من الدواب كالإبل والبقر والحمير عن الجبائي : « أَوَلَمْ يَرَوْا » أي أولم يعلموا : « أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ » أي لمنافعهم : « مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا » أي مما ولينا خلقه بإبداعنا وإنشائنا لم نشارك في خلقه ولم نخلقه بإعانة معين واليد في اللغة على أقسام منها الجارحة ومنها النعمة ومنها القوة ومنها تحقيق الإضافة يقال في معنى النعمة لفلان عندي يد بيضاء وبمعنى القدرة (٦) تلقى فلان قولي باليدين أي بالقوة والتقبل ويقولون هذا ما جنت يداك وهو المعنى في الآية وإذا قال الواحد منا عملت هذا بيدي دل ذلك على انفراده بعمله من غير أن يكله إلى
__________________
(١) مجمع البيان ٧ : ٨٥ و ٨٦.
(٢) في المصدر : وأوبارها.
(٣) الإسراء : ٧٠.
(٤) مجمع البيان ٧ : ١٠٣.
(٥) مجمع البيان ٨ : ٤٠٧ فيه : والبقر خلق مختلف ألوانه كذلك.
(٦) في المصدر : بمعنى القوة.