الكواكب والأمطار (١) : « اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ » قال في المجمع من الإبل والبقر والغنم : « لِتَرْكَبُوا مِنْها » أي لتنتفعوا بركوبها : « وَمِنْها تَأْكُلُونَ » يعني أن بعضها للركوب والأكل كالإبل والبقر وبعضها للأكل كالأغنام وقيل المراد بالأنعام هاهنا الإبل خاصة لأنها التي تركب وتحمل عليها في أكثر العادات واللام في قوله : « لِتَرْكَبُوا » لام الغرض وإذا كان الله تعالى خلق هذه الأنعام وأراد أن ينتفع خلقه بها وكان جل جلاله لا يريد القبيح ولا المباح فلا بد أن يكون أراد انتفاعهم بها على وجه القربة إليه والطاعة له : « وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ » من جهة ألبانها وأصوافها وأوبارها وأشعارها : « وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ » بأن تركبوها وتبلغوا المواضع التي تقصدونها بحوائجكم : « وَعَلَيْها » أي وعلى الأنعام وهي الإبل هنا : « وَعَلَى الْفُلْكِ » أي وعلى السفن : « تُحْمَلُونَ » يعني على الإبل في البر وعلى الفلك في البحر تحملون في الأسفار (٢).
« جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ » قال البيضاوي من جنسكم : « أَزْواجاً » نساء : « وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً » أي وخلق للأنعام من جنسها أزواجا أو خلق لكم من الأنعام أصنافا أو ذكورا وإناثا : « يَذْرَؤُكُمْ » يكثركم من الذرء وهو البث : « فِيهِ » في هذا التدبير وهو جعل الناس والأنعام أزواجا يكون بينهم توالد فإنه كالمنبع للبث والتكثير (٣).
« أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ » قال الطبرسي قدسسره كانت الإبل عيشا من عيشهم فيقول أفلا يتفكرون فيها وما يخرج الله من ضروعها : « مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ » يقول كما صنعت هذا لهم فكذلك أصنع لأهل الجنة في الجنة وقيل معناه أفلا يعتبرون بنظرهم إلى الإبل وما ركبه الله عليه من عجيب الخلق فإنه مع عظمته وقوته يذلله الصغير فينقاد له بتسخير الله إياه لعباده فيبركه ويحمل عليه ثم يقوم وليس ذلك في غيره من ذوات الأربع فلا يحمل على شيء منها
__________________
(١) أنوار التنزيل ٢ : ٣٥٣.
(٢) مجمع البيان ٨ : ٥٣٤.
(٣) أنوار التنزيل ٢ : ٣٩٤.