فتاه (١) على البحر فيها صردة فكانت الصردة تجيء للماء الذي غرق الأرض فتنقل الماء بمنقارها ثم تدفعه في البحر فلما استيقظ الكليم هاله ذلك فجاءه جبرائيل فقال ما لي أراك يا موسى كئيبا فأخبره بالرؤيا فقال إنك زعمت أنك استغرقت العلم كله فلم يبق في الأرض من هو أعلم منك وإن لله عبدا علمك في علمه كالماء الذي حملته الصردة بمنقارها فدفعته في البحر فقال يا جبرائيل من هذا العبد فقال الخضر بن عاميل من ولد الطيب يعني إبراهيم الخليل عليهالسلام قال من أين أطلبه قال اطلبه من وراء هذا البحر فقال من يدلني عليه قال بعض زادك قالوا فمن حرصه على رؤياه لم يستخلف في قومه (٢) ومضى لوجهه وقال لفتاه يوشع هل أنت موازري قال نعم قال اذهب فاحتمل لنا زادا فانطلق يوشع فاحتمل أرغفة وسمكة عتيقة مالحة ثم سارا في البحر حتى خاضا وحلا وطينا ولقيا تعبا ونصبا حتى انتهيا إلى صخرة ناتئة في البحر خلف بحر أرمنية [ إرمينية ] يقال لتلك الصخرة قلعة الحرس.
فأتياها فانطلق موسى ليتوضأ فاقتحم مكانا فوجد عينا من عيون الجنة في البحر فتوضأ منها وانصرف ولحيته تقطر ماء وكان عليهالسلام حسن اللحية ولم يكن أحد أحسن لحية منه فنفض موسى لحيته فوقعت منها قطرة على تلك السمكة المالحة وماء الجنة لا يصيب شيئا ميتا إلا عاش فعاشت السمكة ووثبت في البحر فسارت فصار مجراها في البحر سربا ونسي يوشع ذكر السمكة : « فَلَمَّا جاوَزا قالَ » موسى : « لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا » الآية فذكر له أمر السمكة فقال له ذلك الذي نريده فرجعا يقصان أثرهما فأوحى الله إلى الماء فجمد وصار سربا على قامة موسى وفتاه فجرى الحوت أمامهما حتى خرج إلى البر فصار مسيره لهما جادة فسلكاها فناداهما مناد من السماء إن دعا الجادة فإنه طريق الشياطين إلى عرش إبليس وخذا ذات اليمين.
فأخذا ذات اليمين حتى انتهيا إلى صخرة عظيمة وعندها مصلى فقال موسى
__________________
(١) هكذا في الكتاب وفي المصدر : « قتاة » ولعله مصحف : قنات اي نبات.
(٢) في المصدر : على لقياه لم يستخلف على قومه.