الخفاش الذي عمله عيسى بن مريم عليهالسلام فطار بإذن الله تعالى (١).
٢ ـ نهج البلاغة : من خطبة له عليهالسلام يذكر فيها بديع خلقة الخفاش الحمد لله الذي انحسرت الأوصاف عن كنه معرفته وردعت عظمته العقول فلم يجد مساغا إلى بلوغ غاية ملكوته هو الله الملك الحق المبين أحق وأبين مما ترى العيون لم تبلغه العقول بتحديد فيكون مشبها ولم تقع عليه الأوهام بتقدير فيكون ممثلا خلق الخلق على غير تمثيل ولا مشورة مشير ولا معونة معين فتم خلقه بأمره وأذعن بطاعته فأجاب ولم يدافع وانقاد فلا ينازع (٢) ومن لطائف صنعته وعجائب خلقته ما أرانا من غوامض الحكمة في هذه الخفافيش التي يقبضها الضياء الباسط لكل شيء ويبسطها الظلام القابض لكل حي وكيف غشيت [ عشيت ] أعينها عن أن تستمد من الشمس (٣) المضيئة نورا تهتدي به في مذاهبها وتصل (٤) بعلانية برهان الشمس إلى معارفها وردعها بتلألؤ ضيائها عن المضي في سبحات إشراقها وأكنها في مكامنها عن الذهاب في بلج ائتلاقها فهي مسدلة الجفون بالنهار على أحداقها وجاعلة الليل سراجا تستدل به في التماس أرزاقها فلا يرد أبصارها إسداف ظلمته ولا تمتنع من المضي فيه لغسق دجنته فإذا ألقت الشمس قناعها وبدت أوضاح نهارها ودخل من إشراق نورها على الضباب في وجارها أطبقت الأجفان على مآقيها وتبلغت ما اكتسبته من المعاش في ظلم لياليها فسبحان من جعل الليل لها نهارا ومعاشا والنهار سكنا وقرارا وجعل لها أجنحة من لحمها تعرج بها عند الحاجة إلى الطيران كأنها شظايا الآذان غير ذوات ريش ولا قصب إلا أنك ترى مواضع العروق بينة أعلاما لها جناحان لما
__________________
(١) علل الشرائع ٢ : ٢٨٢ عيون الأخبار ج ١ ص ٢٤٤. ورواه أيضا في الخصال ١ : ٣٢٣ والحديث مسند راجع.
(٢) في المخطوطة : ولم ينازع.
(٣) في المخطوطة : من ان تستمد عن الشمس.
(٤) في نسخة : ويتصل.