لبعض خدمه اذهب إلى ذلك الرجل فانظر ما كتب (١) وائتني به فبادر الخادم إلى الرجل مسرعا وقبض عليه وتأمل ما كتب فإذا هو :
يا قصر جمع فيك الشوم واللوم |
|
حتى يعشش في أركانك البوم |
يوما يعشش فيك البوم من فرحي |
|
أكون أول من يرعاك مرغوم (٢) |
ثم إن الخادم قال له أجب أمير المؤمنين فقال له الرجل سألتك بالله لا تذهب بي إليه فقال الخادم لا بد من ذلك (٣) فلما مثله بين يدي المأمون أعلمه بما كتب فقال له المأمون ويلك ما حملك على هذا قال يا أمير المؤمنين إنه لن يخفى عليك ما حواه قصرك هذا من خزائن الأموال والحلي والحلل والطعام والشراب والفرش والأواني والأمتعة والجواري والخدم وغير ذلك مما يقصر عنه وصفي ويعجز عنه فهمي وإني يا أمير المؤمنين قد مررت عليه الآن وأنا في غاية من الجوع والفاقة فوقفت متفكرا في أمري فقلت في نفسي هذا القصر عامر عال وأنا جائع ولا فائدة لي فيه فلو كان خرابا ومررت به لم أعدم منه رخامة أو خشبة أو مسمارا أبيعه وأتقوت بثمنه أوما علم أمير المؤمنين ما قال الشاعر :
إذا لم يكن للمرء في دولة امرئ |
|
نصيب ولا حظ تمنى زوالها |
وما ذاك من بغض له (٤) غير أنه |
|
يرجى سواها فهو يهوي انتقالها |
فقال المأمون يا غلام أعطه ألف دينار ثم قال له هي لك في كل سنة ما دام قصرنا عامرا بأهله (٥).
__________________
(١) في المصدر : وانظر ما يكتب.
(٢) في المصدر : من ينعيك.
(٣) في المصدر : ثم ذهب به.
(٤) في المصدر : من بغض لها.
(٥) حياة الحيوان ١ : ١١٥.