الكتمان عن غير أهله وعمن لا يكتمه.
« خُذِ الْعَفْوَ » قال في المجمع أي خذ يا محمد ما عفي من أموال الناس أي ما فضل من النفقة فكان رسول الله صلى الله عليه واله يأخذ الفضل من أموالهم ليس فيها شيء موقت ثم نزلت آية الزكاة فصار منسوخا بها وقيل معناه خذ العفو من أخلاق الناس واقبل الميسور منها ومعناه أنه أمره بالتساهل وترك الاستقصاء في القضاء والاقتضاء وهذا يكون في الحقوق الواجبة لله وللناس وفي غيرها وقيل هو العفو في قبول العذر عن المعتذر وترك المؤاخذة بالإساءة.
« وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ » يعني بالمعروف وهو كل ما حسن في العقل فعله أو في الشرع ولم يكن منكرا ولا قبيحا عند العقلاء وقيل بكل خصلة حميدة « وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ » معناه وأعرض عنهم عند قيام الحجة عليهم والإياس من قبولهم ولا تقابلهم بالسفه صيانة لقدرك فإن مجاوبة السفيه تضع عن القدر.
ولا يقال هذه الآية منسوخة بآية القتال لأنها عامة خص عنها الكافر الذي يجب قتله بدليل (١).
« وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ » (٢).
أقول : الآية هكذا « لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ».
والأكثر على أن نصب الصابرين على المدح وقال البيضاوي عن الأزهري البأساء في الأموال كالفقر والضراء في الأنفس كالمرض « وَحِينَ الْبَأْسِ » وقت مجاهدة العدو ويدل الخبر على أن هذه الآية نزلت في الأئمة عليهم السلام فهم
__________________
(١) مجمع البيان ج ٤ : ٥١٢.
(٢) البقرة : ١٧٧.