وقال بعضهم : الصالحات معلولات للإيمان وثمرات له فيستدل بوجوده في قلب العبد على ملازمته للصالحات استدلالا بالعلة على المعلول وبصدورها عن العبد على وجوده في القلب استدلالا بالمعلول على العلة.
وعلى هذا الوجه يكون الإيمان في الموضعين بالمعنى اللغوي وحينئذ يمكن أن يكون المعنى يستدل بالإيمان على الصالحات أو يكون الإيمان دليلا للإنسان نفسه وقائدا يؤديه إلى فعل الصالحات وبأعماله الصالحة يعلم غيره أنه من المؤمنين فالاستدلال في الموضعين ليس بمعنى واحد.
ويمكن أن يراد بالثاني أن مشاهدة الأعمال الصالحة يؤدي من يشاهدها إلى الإيمان.
ويحتمل أن يكون المراد أن الإيمان يهدي إلى صالح الأعمال والأعمال الصالحة تورث كمال الإيمان أو الإيمان يقود الإنسان إلى الأعمال الصالحة والأعمال الصالحة الناشية من حسن السريرة وخلوص النية تورث توفيق الكافر للإيمان.
أو يستدل بإيمان الرجل إذا علم على حسن عمله وبقدر أعماله على قدر إيمانه وكماله أو يستدل بكل منهما إذا علم على الآخر وهذا قريب من الثاني والغرض بيان شدة الارتباط والتلازم بينهما.
وبالإيمان يعمر العلم فإن العلم الخالي من الإيمان كالخراب لا ينتفع به وقيل لأن حسن العمل من أجزاء الإيمان والعلم بلا عمل كالخراب لا فائدة فيه.
وبالعلم يرهب الموت أي يخشى عقاب الله بعد الموت كما قال الله تعالى « إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ » (١) وبالموت تختم الدنيا والموت لا مهرب منه فلا بد من القطع بانقطاع الدنيا ولا ينبغي للعاقل أن تكون همته مقصورة عليها.
__________________
(١) فاطر : ٢٨.