عليين أو من طينة سجين فلما علم ذلك أعطى أبدان الأرواح التي علم أنهم يختارون الإيمان باختيارها كيفية عليين للمناسبة وأعطى أبدان الأرواح التي علم أنها تختار الكفر باختيارها كيفية السجين من غير أن يكون للأمرين مدخل في اختيارهم الإيمان والكفر وخلط ما بين الطينتين من غير أن يكون لذلك الخلط مدخل في اختيار الحسنة والسيئة.
وقال بعض أرباب التأويل من المحققين (١) المراد بعليين أشرف المراتب وأقربها من الله تعالى وله درجات كما يدل عليه ما ورد في بعض الأخبار من قولهم أعلى عليين وكما وقع التنبيه في هذا الخبر بنسبة خلق القلوب والأبدان كليهما إليه مع اختلافهما في الرتبة.
فيشبه أن يراد بهما عالم الجبروت والملكوت جميعا اللذين هما فوق عالم الملك أي عالم العقل والنفس وخلق قلوب النبيين من الجبروت معلوم لأنهم المقربون وأما خلق أبدانهم من الملكوت فذلك لأن أبدانهم الحقيقية هي التي في باطن هذه الجلود المدبرة لهذه الأبدان وإنما أبدانهم العنصرية أبدان أبدانهم لا علاقة لهم بها فكأنهم وهم في جلابيب من هذه الأبدان قد نفضوها وتجردوا منها لعدم ركونهم إليها وشدة شوقهم إلى النشأة الأخرى ولهذا نعموا بالوصول إلى الآخرة ومفارقة هذه الأدنى ومن هنا ورد في الحديث الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر (٢).
__________________
(١) يريد به الفيلسوف المشهور ملا صدرا الشيرازى.
(٢) قال العلامة الطباطبائى مد ظله في بعض كلامه : الاخبار مستفيضة في أن الله تعالى خلق السعداء من طينة عليين وخلق الاشقياء من طينة سجين ـ من النار ـ وكل يرجع الى حكم طينته من السعادة والشقاء ، وقد أورد عليها اولا بمخالفة الكتاب وثانيا باستلزام الجبر الباطل.
أما البحث الأول فقد قال الله تعالى : « هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ » وقال : « بَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ » فأفاد أن الإنسان مخلوق من طين ، ثم قال تعالى : « وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ