الإسلام ، ونبي الإسلام في القضاء عليها ، واستئصالها من الأساس. سياسة لم يكن يرضاها أهل البيت ، وعلى رأسهم أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، بل لقد رفضها عليهالسلام بشدة وحزم ، ورضي بأن يحقد عليه القرشيون ، ويجيشوا الجيوش ، ويثيروا الحروب ، لأنه حرمهم من الامتيازات التي منحهم إياها عمر بن الخطاب ، ومن أهمها امتيازات العطاء هذه (١).
ولكن هذه السياسة الخاطئة ، فقد ألفتت إلى ناحية ، وكرست أمراً ، لم يكن الخلفاء وأعوانهم قد التفتوا إليه ، ولا كان يروق لهم تكريسه ، أو أنهم قد التفتوا إليه ، ولكنهم لم يمكنهم تحاشيه ، والتخلص منه .. وهو أمر واقعي ، كان لا بد من الاحتفاظ به ، والإلتفات إليه بنحو ، أو بآخر .. ألا وهو الاعتراف الضمني بل الصريح من الهيئة الحاكمة ، وعلى رأسها عمر بن الخطاب ، الشخصية القوية جداً ، وذات النفوذ العظيم ـ نعم الاعتراف ـ بفضائل ومزايا الحسنين الزكيين عليهما الصلاة والسلام ، حيث ألحقهم عمر بن الخطاب بأهل بدر ، تنبيهاً على المكانة الممتازة التي كانا يتحليان بها ، ولم يكن بالإمكان التغاضي عنها ، أو تجاهلها.
بل إننا لنجده « قسم يوماً ، فأعطاهما عشرين ألف درهم ، وأعطى ولده عبد الله ألف درهم ، فعاتبه ولده ، فقال : قد علمت سبقي إلى الاسلام ، وهجرتي ، وأنت تفضل علي هذين الغلامين؟ ( وهذا يعني : أن ذلك قد كان في أوائل خلافة عمر ). فقال : ويحك يا عبد الله ، إئتني بجدٍ مثل جدهما ، وأنا أعطيك مثل عطائهما » (٢).
__________________
=
وسيرة الأئمة الاثني عشر ج ١ ص ٥٣٣ والإمام الحسين للعلايلي ص ٣٠٩ وشرح النهج للمعتزلي ج ٨ ص ١١١ وفتوح البلدان للبلاذري ، القسم الثالث ص ٥٤٨ ـ ٥٦٦ وغير ذلك.
١ ـ راجع : ما تقدم حين الكلام حول سياسة التمييز العنصري.
٢ ـ الإمام الحسين للعلايلي هامش ص ٣٠٩ عن تذكرة الخواص. ويرى المحقق العلامة الأحمدي حفظه الله : أن تعليل عمر هذا لفعله ذاك ، لعله كان يرمي إلى الإشارة إلى أن ما فعله لم يكن إلا لأجل انتسابهما لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، لا لأجل ما يتحليان به من خصائص ومزايا. ولعله يتعمد صرف الأنظار عن ذلك.
=