إننا نجد في التاريخ ما يفند كل ما تقدم ، وصرح وينطق بأنهم قد أرادوه على ذلك ، فامتنع.
يحدثنا المسعودي : أنه حينما شاور عمر عثمان بن عفان في أمر الحرب مع الفرس ، قال له عثمان فيما قال : « .. ولكن ابعث الجيوش ، وداركها بعضاً على بعض ، وابعث رجلاً له تجربة بالحرب ، وبصربها.
قال عمر : ومن هو؟.
قال : علي بن أبي طالب.
قال : فالقه ، وكلمه ، وذاكره ذلك ، فهل تراه مسرعاً إليه ، أو لا؟!.
فخرج عثمان فلقي علياً فذاكره ذلك ، فأبى عليِّ ذلك وكرهه. فعاد عثمان ، فأخبره » (١).
كما أن البلاذري قد ذكر هذه القضية باختصار ، مكتفياً بالإشارة إلى أن عمر قد عرض على علي عليهالسلام الشخوص إلى القادسية ، ليكون قائداً لجيش المسلمين ، فأباه ، فوجه سعد بن أبي وقاص (٢).
وفي قصية أخرى ، نجد : أنه حينما استشار أبو بكر عمر بن الخطاب في إرسال علي أمير المؤمنين عليهالسلام لقتال الأشعث بن قيس ، وقال : « إني عزمت على أن أوجه إلى هؤلاء القوم علي بن أبي طالب ، فإنه عدل رضا عند أكثر الناس ، لفضله ، وشجاعته ، وقرابته ، وعلمه ، وفهمه ، ورفقه بما يحاول من الأمور (٣).
__________________
=
يكن ليقدم على أمر كهذا ؛ لأن فيه خطراً على الأسلام .. بالإضافة إلى أنهم كانوا يعلمون بأن النبي صلىاللهعليهوآله قد عهد إليه أن لا يبادر إلى أي عمل من هذا القبيل.
١ ـ مروج الذهب ج ٢ ص ٣٠٩ / ٣١٠.
٢ ـ فتوح البلدان بتحقيق صلاح الدين المنجد ، القسم الأول ص ٣١٣.
٣ ـ هذه الشهادة تدفع ما يدعى : من أنه لم يكن له بصر في السياسة ، كما يحاول أن يدعي المغرضون.