الرجوان (١) .. أي ليس ممن يستهان به ، والنصوص التي تدخل هذا المجال كثيرة ، لا مجال لتتبعها فعلاً.
ولعل ما تقدم من نصرة الإمام الحسن عليهالسلام لعثمان ، بالإضافة إلى أنه لم يكن قد ساهم في قتل مشركي قريش وغيرها على عهد الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بسبب صغر سنه آنئذٍ. ثم ما سمعته الأمة ورأته من أقوال ومواقف النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم تجاهه عليهالسلام .. ثم علم الجميع بنزول العديد من الآيات القرآنية ، التي تعرب عن فضله ، وتشيد بكريم خصاله ، وتؤكد على ما يؤهله الله له من دورٍ قيادي في مستقبل الأمة ..
ـ إن كل ذلك وسواه ـ قد جعل موقفه عليهالسلام في قبال معاوية والأمويين ، أكثر قوة ، وأعظم أثراً ، حيث لم يكن ثمة شبهات يستطيع خصومه التشبث بها لتضعيف مركزه ، وزعزعة سلطانه ، كما أنه لم يواجه ما يشبه قضية التحكيم ، التي فُرِضَت على أمير المؤمنين عليهالسلام من قبل ..
نعم .. هو ابن لذلك الذي وَتَرَ قريشاً ، وقتل صناديدها ، الذين أرادوا أن يطفئوا نور الله سبحانه ، بكل ما يملكون من حيلة ووسيلة.
ولعل مدى ضعف حجة معاوية في مقابل الإمام الحسن عليهالسلام ، يتجلى أكثر ، بالمراجعة إلى أقوال معاوية نفسه ، وذلك حينما لا يجد حجة يحتج بها لتصديه لهذا الأمر ، سوى أنه أطول من الإمام الحسن عليهالسلام ولاية ، وأقدم تجربة ، وأكثر سياسة ، وأكبر سناً (٢).
قال بعض الباحثين : « وهكذا .. صارت مقاييس الخلافة كمقاييس الأزياء ، أو الكمال الجسماني : أطول ، وأكبر ، وأقدم ، وأكثر » (٣).
إلا أن جيش الإمام الحسن عليهالسلام ، وكذلك الظروف الخاصة التي
__________________
١ ـ شرح النهج للمعتزلي ج ١٦ ص ١٩ و ١٩٥.
٢ ـ مقاتل الطالبيين ص ٥٨ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٦ ص ٣٦ ، وحياة الحسن بن علي ، للقرشي ج ٢ ص ٣٣ و ٣٥.
٣ ـ حياة الإمام الحسن بن عليهالسلام ، لآل يس ص ٨٥.