بعض أمواله ، ولا يدخل في الشورى ، فإنهم سيطلبونه ، وسيضربون إليه آباط الإبل ـ قال المعتزلي : « ليس هذا الرأي عندي بمستحسن ، لأنه لو فعل ذلك لولّوا عثمان ، أو واحداً منهم غيره. ولم يكن عندهم من الرغبة فيه عليهالسلام ما يبعثهم على طلبه ، بل كان تأخره عنهم قرة أعينهم ، وواقعاً بإيثارهم ، فإن قريشاً كلها كانت تبغضه أشد البغض .. ».
إلى أن قال : « ولست ألوم العرب ، ولا سيما قريشاً في بغضها له ، وانحرافها عنه ، فإنه وَتَرَها ، وسَفَك دماءها ».
ثم ذكر .. أن الأحقاد باقية ، حتى ولو كان إسلامهم صحيحاً ثم قال : « لا كإسلام كثير من العرب ، فبعضهم تقليداً ، وبعضهم للطمع والكسب ، وبعضهم خوفاً من السيف ، وبعضهم على طريق الحمية والانتصار ، أو لعداوة قوم آخرين ، من أضداد الإسلام وأعدائه » (١).
وبعد .. فإن الناس في تلك الظروف الحرجة ، لم يكونوا ليتركوا علياً عليهالسلام يترك المدينة ، وهم الذين بقوا يلاحقونه أياماً من مكان لمكان حتى بايعو ..
وأمَّا بالنسبة لانتظاره عليهالسلام حتى تضرب إليه العرب آباط الإبل فإن الإمام الحسن عليهالسلام نفسه لم ينتظر ذلك ، حينما بايعوه بعد استشهاد أمير المؤمنين عليهالسلام ..
كما أنه هو نفسه يقول ، وهو يتكلم عن قضية التحكيم ، فيما يرتبط بابن عمر :
« ... وثالثة : أنه لم يجتمع عليه المهاجرون والأنصار ، الذين يعقدون الإمارة ، ويحكمون بها على الناس » (٢).
وبعد .. فهل أن تغيُّب أمير المؤمنين عليهالسلام عن المدينة سيمنع
__________________
١ ـ شرح النهج للمعتزلي ج ١٣ ص ٣٩٩ / ٣٠٠.
٢ ـ قد تقدمت المصادر لهذه القضية عن قريب ، وإن لم نذكر نصها كاملاً.