كما أنه كان إذا جلس ، فتمكن في مجلسه ذكر عثمان ، فترحم عليه ثلاثاً ، ولعن قتلته ثلاثاً ، ويقول : لو لم نلعنهم لَلُعِنَّا. ثم يذكر علياً ، فيقول : لم يَزَل أمير المؤمنين صلوات الله عليه مظفراً مؤيداً حتى حَكَّم ، ثم يقول : ولم تحكم والحق معك؟ ألا تمضي قدماً لا أباً لك (١)؟.
بل لقد اشتهر بغضه لأمير المؤمنين عليهالسلام ، فحاول أن يبرئ نفسه من ذلك ، فقد قالوا : إنه جاء رجل إليه فقال له : « أبا سعيد ، إنهم يزعمون : أنك تبغض علياً » فبكى .. ثم تذكر الرواية تبرئته لنفسه من ذلك ، ومدحه لأمير المؤمنين عليهالسلام (٢).
وفي نص آخر : أن ذلك الرجل قال له : « بلغنا أنك تقول : لو كان عليٌّ بالمدينة يأكل من حشفها لكان خيراً له مما صنع ، فقال له الحسن الخ .. » (٣).
جيم : وتذكرنا هذه الرواية المفتعلة لأهداف سياسية مفضوحة ، بروايات أخرى مفتعلة لأغراض مفضوحة أيضاً ، وذلك من قبيل تلك الرواية التي تحكي لنا قصة زواج أم كلثوم بنت أمير المؤمنين عليهالسلام بعمر بن الخطاب ، حيث جاء فيها : أن أمير المؤمنين قال لولديه عليهماالسلام : « زوِّجا عمكما. فقالا : هي امرأة من النساء ، تختار لنفسها ، فقال ( فقام ظ ) علي مغضباً ، فأمسك الحسن بثوبه ، وقال : لا صبر لي على هجرانك يا أبتاه. قال : فزوجاه » (٤).
فإن الهدف من افتعال هذه الرواية هو إظهار : أن علياً عليهالسلام كان مهتماً بتزويج ابنته لعمر بن الخطاب .. مع أن الحقيقة هي عكس ذلك تماماً ، كما تدل عليه النصوص التاريخة (٥).
__________________
١ ـ العقد الفريد ج ٢ ص ٢٣٥ والكامل للمبرد ج ٣ ص ٢١٦.
٢ ـ العقد الفريد ج ٢ ص ٢٢٩ وفي هامشه عن الأمالي ج ٣ ص ١٩٤.
٣ ـ البيان والتبيين ج ١ ص ١٠٨.
٤ ـ حياة الصحابة ج ٢ ص ٥٢٧ عن كنز العمال ج ٨ ص ٢٩٦.
٥ ـ راجع : مثلاً الفتوحات الإسلامية لدحلان ج ٢ ص ٤٥٥ / ٤٥٦ عن غير واحد وغير ذلك.