بل إن أهل الشام يقبلون من معاوية أن يصلي بهم ـ حين مسيرهم إلى صفين ـ صلاة الجمعة في يوم الأربعاء ، كما قيل (١).
وفي وصية معاوية ليزيد : « وانظر أهل الشام ، وليكونوا بطانتك ، فإن رابك شيء فانتصر بهم ، فإذا أصبتهم : فاردد أهل الشام إلى بلادهم ، فإنهم إن أقاموا بها تغيرت أخلاقهم » (٢).
وحينما وقف أبو ذر في وجه طغيان معاوية ، وأثرته ، وانحرافاته ، في الشام ، قال حبيب بن مسلمة لمعاوية : « إن أبا ذر لمفسد عليكم الشام ، فتدارك أهله ، إن كان لك فيه حاجة (٣).
وحسب نص آخر : « إن أبا ذر يفسد عليك الناس بقوله : كيت وكيت. فكتب معاوية إلى عثمان بذلك. فكتب عثمان : أخرجه إلي. فلما صار إلى المدينة ، نفاه إلى الربذة » (٤).
وحينما جاء المصريون إلى المدينة يسألون عمر عن سبب عدم العمل ببعض الأحكام القرآنية ، أجابهم بقوله : « ثكلت عمر أمُّه ، أتكلفونه أن يقيم الناس على كتاب الله ، وقد علم ربنا : أن سيكون لنا سيئات؟ ، وتلا : ( إن تجتنبوا كبائِر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ، وندخلكم مدخلاً كريماً ) هل علم أهل المدينة فيما قدمتم؟! قالوا : لا. قال لو علموا لوعظت بكم ».
قال لهم هذا بعد أن أخذ منهم اعترافاً بأنهم لم يحصوا القرآن لا بالبصر ، ولا في اللفظ ، ولا في الأثر (٥).
وبعد كلام جرى بين معاوية ، وعكرشة بنت الأطرش بن رواحة ، قال لها
__________________
١ ـ مروج الذهب ج ٣ ص ٣٢ والغدير ج ١٠ ص ١٩٦ عنه.
٢ ـ الفخري في الآداب السلطانية ص ١١٢ والعقد الفريد ج ٣ ص ٣٧٣ مع تفاوت يسير.
٣ ـ الغدير ج ٨ ص ٣٠٤ عن ابن أبي الحديد.
٤ ـ الأمالي للشيخ المفيد ص ١٢٢.
٥ ـ حياة الصحابة ج ٣ ص ٢٦٠ عن كنز العمال ج ١ ص ٢٢٨ عن ابن جرير.