وأوردوهم مصارع السوء ولا يعجبنك شاهد ما يحضرونك به فانهم أعوان الاثمة وإخوان الظلمة وعباب كل طمع ودغل (١) وأنت واجد منهم خير الخلف ممن له مثل أرائهم ونفاذهم ممن قد تصفح الامور فعرف مساويها بما جرى عليه منها (٢) فاولئك أخف عليك مؤودنة ، وأحسن لك معونة ، وأحنى عليك عطفا (٣) وأقل لغيرك إلفا.
لم يعاون ظالما على ظلمه ، ولا آثما على إثمه ، ولم يكن مع غيرك له سيرة أجحفت بالمسلمين والمعاهدين (٤) فاتخذ أولئك خاصة لخلوتك وملائك ، ثم ليكن آثرهم عندك أقولهم بمر الحق (٥) وأحوطهم على الضعفاء بالانصاف وأقلهم لك مناظرة (٦) فيما يكون منك مما كره الله لاوليائه واقعا ذلك من هواك حيث وقع فانهم يقفونك على الحق (٧) ويبصرونك ما يعود عليك نفعه ، وألصق بأهل الورع والصدق وذوي العقول والاحساب ، ثم رضهم على أن لا يطروك (٨) ولا يبجحوك بباطل لم تفعله
____________________
(١) الاثمة : جمع آثم ، كظلمة : جمع ظالم. والعباب ـ بضم العين ـ : معظم السيل وعباب البحر : موجه.
(٢) تصفح : تأمل ونظر مليا. والمساوى : جمع مساءة وهى القبيح. وفى النهج « و أنت واجد منهم خير الخلف ممن له مثل أرائهم ونفاذهم وليس عليه مثل آصارهم وأوزاهم ممن لم يعاون ظالما على ظلمه ولا آثما على اثمه ».
(٣) أحنى عليك : أى أشفق ، و « عطفا » مصدر جيئ به من غير لفظ فعله. والالف ـ بالكسر ـ : الالفة والمحبة.
(٤) اجحف بهم. استأصلهم وأهلكهم. وفى النهج بعده : « فاتخذ أولئك خاصة لخلواتك وحفلاتك » والمعاهدين : أهل الكتاب.
(٥) أى ليكن أفضلهم لديك أكثر هم قولا بالحق المر.
(٦) رفى النهج « مساعدة » وقوله : « فيما يكون منك » أى يقع ويصدر.
(٧) أى لا يساعدك على ما كره الله حال كونه نازلا من ميلك اليه. ومن قوله عليهالسلام « ثم ليكن » إلى هنا تنبيه على من ينبغى أن يتخذ عونا ووزيرا ، وميزه باوصاف أخص.
(٨) رضهم أى عودهم على أن لا يطروك أى يزيدوا في مدحك من أطرى اطراء : أحسن الثناء وبالغ في المدح. ولا يبجحوك أى ولا يفر حوك بنسبة عمل اليك. قوله : « تدنى »