يتفكر فيما صنع الله عزوجل إليه ، وساعة يخلوفيها بحظ نفسه من الحلال ، فان هذه الساعة عون لتلك الساعات واستجمام للقلوب وتوزيع لها (١) ، وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه ، مقبلا على شأنه ، حافظا للسانه ، فان من حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه ، وعلى العاقل أن يكون طالبا (٢) لثلاث مرمة لمعاش أوتزود لمعاد ، أو تلذذ في غير محرم.
قلت : يارسول فما كانت صحف موسى؟ قال : كانت عبرا كلها وفيها : « عجب لمن أيقن بالموت كيف يفرح ، ولمن أيقن بالنار لم يضحك ولمن يرى الدنيا وتقلبها بأهلها لم يطمئن إليها ، ولمن يؤمن بالقدر كيف ينصب (٣) ، ولمن أيقن بالحساب لم لا يعمل ». قلت : يا رسول الله هل في أيدينا مما أنزل الله عليك شئ مما كان في صحف إبراهيم وموسى؟ قال : يا أباذر اقرأ « قدأفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون الحيوة الدنيا. والآخرة خير وأبقى. إن هذا (٤) لفي الصحف الاولى صحف إبراهيم وموسى » (٥).
قلت : يارسول الله أوصني قال : اوصيك بتقوى الله فانه رأس الامر كله قلت : زدني قال : عليك بتلاوة القرآن وذكر الله كثيرا فانه ذكر لك في السماء ونور لك في الارض ، قلت : زدني قال : الصمت فانه مطردة للشياطين وعون لك على أمردينك ، قلت : زدني قال : إياك وكثرة الضحك فانه يميت القلب [ ويذهب بنورالوجه ] قلت : زدني قال : انظر إلى من هو تحتك ، ولا تنظر إلى من هو فوقك فانه أجدر أن لا تزدري نعمة الله عليك ، قلت : يا رسول الله زدني قال :
____________________
(١) الاستجمام التفريح ، يقال : لاستجم قلبى بشئ من اللهو أى أنى لا جعل قلبى يتفكه بشئ من اللهو ، وقوله « وتوزبع لها » كذا في الخصال وفى المعانى « وتفريغ لها ».
(٢) كذا. (٣) أى يتعب نفسه بالجد والجهد وفى بعض نسخ المعانى « لم يغضب » ولعله الاصلح. (٤) يعنى ذكر هذه الاربع آيات.
(٥) الاعلى : ١٤ ـ ١٩.