يا أباذر فضل العلم خير من فضل العبادة ، واعلم أنكم لوصليتم حتى تكونوا كالحنايا (١) وصمتم حتى تكونوا كالا وتار ما ينفعكم ذلك إلا بورع.
يا أباذر إن أهل الورع والزهد في الدنيا هم أولياء الله حقا.
يا أباذر من لم يأت يوم القيامة بثلاث فقد خسر ، قلت : وما الثلاث فداك أبي وامي؟ قال : ورع يحجزه عما حرم الله عزوجل عليه ، وحلم يرد به جهل السفيه ، وخلق يداري به الناس.
يا أباذر إن سرك أن تكون أقوى الناس فتوكل على الله ، وإن سرك أن تكون أكرم الناس فاتق الله ، وإن سرك أن تكون أغنى الناس فكن بما في يدالله عزوجل أوثق منك بما في يديك.
يا أباذر لو أن الناس كلهم أخذوا بهذه الآية لكفتهم « ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره » (٢).
يا أباذر يقول الله جل ثناؤه : وعز تي وجلالي لا يؤثر عبدي هواي على هواء إلا جعلت غناه في نفسه وهمومه في آخرته وضمنت السماوات والارض رزقه وكففت عليه ضيعته (٣) وكنت له من وراء تجارة كل تاجر.
يا أباذر لو أن ابن آدم فر من رزقه كما يفر من الموت لادركه رزقه كما يدركه الموت.
يا أباذر ألا اعلمك كلمات ينفعك الله عزوجل بهن؟ قلت : بلى يا رسول الله ، قال : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده أمامك ، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ، وإذا سألت فاسأل الله عزوجل ، وإذا استعنت فاستعن با لله فقد جرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة ، فلو أن الخلق كلهم جهدوا أن ينفعوك بشئ لم
____________________
(١) الحنايا جمع حنية ما كان منحنيا كالقوس.
(٢) الطلاق : ٣٢.
(٣) وقد يقرء في بعض النسخ « كففت عنه ضيقه ».