يا أباذر أنهاك عن الهجران وإن كنت لا بد فاعلا فلا تهجره فوق ثلاثة أيام [ كملا ] فمن مات فيها مهاجرا لاخيه كانت النار أولى به.
يا أباذر من أحب أن يتمثل له الرجال قياما (١) فليتبو أمقعده من النار.
يا أباذر من مات وفي قلبه مثقال ذرة من كبرلم يجد رائحة الجنة إلا أن يتوب قبل ذلك ، فقال : يا رسول الله إنى ليعجبني الجمال حتى وددت أن علاقة سوطي وقبال نعلي حسن فهل يرهب على ذلك؟ قال : كيف تجد قلبك؟ قال : أجده عارفا للحق مطمئنا إليه ، قال : ليس ذلك بالكبر ولكن الكبر أن تترك الحق وتتجاوزه إلى غيره وتنظر إلى الناس ولا ترى أن أحدا عرضه كعرضك ولا دمه كدمك.
يا أباذر أكثر من يدخل النار المستكبرون فقال رجل : وهل ينجو من الكبر أحد يا رسول الله؟ قال : نعم من لبس الصوف وركب الحمار وحلب العنز (٢) وجالس المساكين.
يا أباذر من حمل بضاعته فقد برئ من الكبر ، يعني ما يشتري من السوق.
يا أباذر من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله عزوجل إليه يوم القيامة.
يا أباذر أزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه ولا جناح عليه فيما بينه وبين كعبيه.
يا أباذر من رفع ذيله وخصف نعله وعفر وجهه فقد برئ من الكبر.
يا أباذر من كان له قميصان فليلبس أحد هما وليلبس الآخر أخاه.
يا أباذر سيكون ناس من امتي يولدون في النعيم ويغذون به ، همتهم ألوان الطعام والشراب ويمدحون بالقول أولئك شرار امتي.
يا أباذر من ترك لبس الجمال وهو يقدر عليه تواضعا لله عزوجل فقد كساه حلة الكرامة.
يا أباذر طوبى لمن تواضع لله تعالى في غير منقصة وأذل نفسه في غير مسكنة وأنفق ما لا جمعه في غير معصية ورحم أهل الذل والمسكنة وخالط أهل الفقه والحكمة
____________________
(١) مثل بين يديه مثولا : انتصب قائما.
(٢) في المصدر « حلب الشاة ».