في تسمية مثل ذلك مرضا عرفا ، فذهب المحقق والعلامة إلى أنه غير مبيح للتيمم ، وبعض المتأخرين على إيجابه له ، ولعله أقوى ، فانه اشد من الشين (١) وقد أطبقوا على إيجابه التيمم.
« أوعلى سفر » أي متلبسين به (٢) إذ الغالب عدم وجود الماء في أكثر الصحاري « أو جاء أحد منكم من الغائط » هو كناية عن الحدث ، إذ الغائط المكان المنخفض من الارض ، وكانوا يقصدونه للحدث لتغيب فيه أشخاصهم عن الرائين
____________________
والقرينة هنا قائمة على أن المراد المرض الذي يضر به استعمال الماء لتناسب الحكم والموضوع ، حتى أن في المحدث بالحدث الاصغر يراد بمرضه ما يضر به استعمال الماءلغسل الوجه واليدين فقط سواء كان هو الصداع أو وجع الضرس أو الحمى أو كان هوشين الوجه واليدين وتشويه خلقها وجلدها بالكزة ونحوها ، وفي المحدث بالحدث الاكبر يراد بمرضه ما يضر به استعمال الماء لغسل جسده اي عضو كان.
ألا ترى أن المريض في قوله تعالى في آية الصوم البقرة : ١٨٤ و ١٨٥ « ومن كان مريضا أو على سفر » ليس يراد به كل مرض ، فان من به قرحة الاثنا عشر مريض يضر به الصوم ، ولا يضر به استعمال الماء لا للوضوء ولا للاغتسال ، وهكذا المريض في آية الكفارة البقرة : ١٩٦ « فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أونسك » فالمريض انما هو بالنسبة إلى من لا يتحمل وفرة الشعر لقرحة في راسه يسيل منه اللعاب ويتلبد به الشعر أو صداع أو غير ذلك. كيف وقد كلف بالصوم كفارة لحلق الرأس ، والمريض لا يصح منه الصوم؟ فالمريض في كمل باب انما يعرف المراد به بعد ملاحظة القرائن لا مطلقا.
(١) يعنى شين الجلد وتشويه خلقة الاصابع باصابة البرد أو الكزة.
(٢) يستظهر من لفظ « على » أن المراد به من كان على جناح السفر سواء كان على ظهر مركوبه به أو طريقه يضرب ويسعى مع القافلة ، أو كان في المنزل لكن القافلة ( كالقطار ) مستعجلة للركوب ، فلا يمكنه استعمال الماء لغسل الجنابة ، والحال هذه وينطبق على هذا المعنى قوله تعالى « الا عابرى سبيل » حيث عبر عن ذلك بالعبور في السبيل ، فالتلبس بالمسير هو الذي يجوز التيمم للجنب.