انتهى ، وعليه ينبغي حمل ما رواه الراوندي وغيره عن أبي جعفر عليهالسلام أنه قال : السعي قص الشارب ، ونتف الابط ، وتقليم الاظفار ، والغسل ، والتطيب ، ليوم الجمعة ، ولبس أفضل الثياب والذكر (١) فالمعنى اهتموا وعجلوا الفراغ من الاداب والمستحبات لادراك الجمعة ، كل ذلك لاينافي فهم الوجوب من الامر ، بل هي مؤكدة له كما لايخفى على العارف بقوانين البلاغة.
وقال الرواندي : المراد بذكر الله الخطبة التي تتضمن ذكر الله والمواعظ ، و قيل : المراد الصلاة انتهى ، وإنما جعل الذكر مكان الضمير إيذانا بأن الصلاة متضمنة
____________________
فاستجاب الله دعاء هما فكان يرى ابراهيم مناسك البيت في منامه ( على ما كان يريه الله عزوجل ملكوت السموات والارض ) فيمتثل ابراهيم خليل الله نسكه ويتبعه في ذلك اسماعيل ولده حتى اذا بلغ مع السعى بين الصفا والمروة قال له ابراهيم : يا بنى انى أرى في المنام أنى أذبحك فانظر ما ذا ترى؟ وانما ائتمر معه لان ذبحه قربانا ونسيكة انما يتحقق بتسليمه.
فقد كان رؤية ذبحه اسماعيل تماما لمناسك الحج التى كان يراها في منامه ، كما ينص عليه روايات الفريقين ، ولا يناسب ذلك الا بأن يكون المراد بالسعى هو السعى بين الصفا والمروة ، كما بيناه لك ، ومن حمل السعى في الاية على غير ذلك من المعانى غير المناسبة يبقى عليه توجيه قوله تعالى ( معه ) فان الكلمة تصير لغوا لافائدة في ذكرها أبدا.
(١) وجه الحديث أن هذا السعى المأمور به ، انما هو للاجتماع مع جمهور المسلمين في مكان واحد ، ومن لوازم هذا الاجتماع الوافر أن يتهيأكل واحد منهم بالطهارة الفطرية لئلا ينفر طباع المجتمعين من اجتماعهم ، وهذه الطهارة الفطرية كما أشار رسول الله صلىاللهعليهوآله وسنها انما هو قص الشارب ونتف الابط وتقليم الاظفار والاغتسال وترجيل الشعر والتطيب ان قدر على ذلك ولبس الثياب النظيفة ، فاذا نودى أحدهم بأن يسعى إلى تلك الجماعة الوافرة ، فكأنه نودى بأن يتحصل على هذه الطهارة الفطرية اولا ثم يحضر الجماعة ، وهذا واضح بحمدالله.