المبالغة في الاتيان به ، وعدم المساهلة فيه ، كما أنه إذا قال المولى لعبده : امض إلى فلان يفهم منه الوجوب ، وإذا قال اسع وعجل واهتم ، كان آكد من الاول ، و أدل على الوجوب ، قال في مجمع البيان : أي فامضوا إلى الصلاة مسرعين غير متشاغلين عن قتادة وابن زيد والضحاك ، وقال الزجاج : فامضوا إلى السعي الذي هو الاسراع وقرأ عبدالله بن مسعود ( فامضوا إلى ذكر الله ) وووي ذلك عن علي بن أبي طالب عليهالسلام وعمرو ابي وابن عباس ، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهماالسلام ، وقال ابن مسعود : لو علمت الاسراع لاسرعت حتى يقع ردائي من كتفي ، وقال الحسن : ما هو السعي على الاقدام ، وقد نهوا أن يأتوا الصلاة إلا وعليهم السكينة والوقار ، ولكن بالقلوب والنية والخشوع (١).
وكل ذلك مما يؤكد الوجوب ، فان المراد به شدة العزم والاهتمام ، و إخلاص النية فيه ، فانه أقرب المجازات إلى السعي بالاقدام ، بل هو مجاز شايع يعادل الحقيقة :
قال في الكشاف : قيل المراد بالسعي القصد دون العدو ، والسعي التصرف في كل عمل ، ومنه قوله تعالى : ( ولما بلغ معه السعي ) ( وأن ليس للانسان إلا ما سعى ) (٢)
____________________
بعد ، كما هو المصرح به في لفظ الاية الكريمة ، حيث يأمر بالسعى عند النداء وبعده ، لئلا يفوت عنه الخطبة التى يكون فيه ذكر الله تعالى وتكون بمنزلة الركعتين السمنونتين في سائر الايام ، واما من تهيأ وتعبأ قبل النداء وحضر المجتمع ينتظر صعود الامام للخطبة ، فقد استبق إلى وظيفته ، ولم يتوجه خطاب السعى اليه ، وهوواضح.
(١) مجمع البيان ج ١٠ ص ٢٨٨.
(٢) الصافات : ١٠٩ النجم : ٤٠ ، ولكن المراد من السعى في الاية الاولى هو السعى بين الصفا والمروة قطعا ، وذلك لان ابراهيم ص وابنه اسماعيل بعد ما فرغا من رفع قواعد البيت دعو الله عزوجل قالا : ربنا تقبل منا انك أنت السميع العليم .. وأرنا مناسكنا وتب علينا انك أنت التواب الرحيم ( البقرة : ١٢٨ ).