الثالث : أن الامر معلق على الاذان فمن أين ثبت الوجوب مطلقا.
والجواب أنه يلزم بصريح الاية الايجاب مع تحقق الاذان ، ويلزم منه الايجاب مطلقا ، مع أنا قد قدمنا أن الظاهر أن المراد دخول وقت النداء.
واعترض عليه بوجوه سخيفة اخرى وبعضها يتضمن الاعتراض على الله تعالى إذ لم يرتب متتبع في أن الاية إنما نزلت لوجوب صلاة الجمعة والحث عليها ، فقصورها عن إفادة المرام يؤل إلى الاعتراض على الملك العلام ، ويظهر الجواب عن بعضها مما قررنا سابقا في تفسير الايات.
ثم إن أمثال تلك الاعتراضات إنما يحسن ممن لم يستدل في عمره بآية ولا خبر على حكم من الاحكام ، وأما من كان دأبه الاستدلال بالظواهر والابهامات على الاحكام الغريبة ، لايليق به تلك المناقشات ، وهل يوجد آية أو خبر لايمكن المناقشة في الاستدلال بها بأمثال ذلك.
ومن العجب أنهم يقولون : ورد في الخبر أن الذكر رسول الله صلىاللهعليهوآله فيمكن أن يكون المراد به هنا السعي إليه صلىاللهعليهوآله : ولايعرفون أن الاخبار الواردة في تأويل الايات وبطونها ، لاينافي الاستدلال بظاهرها ، فقد ورد في كثير من الاخبار أن الصلاة رجل والزكاة رجل ، وأن العدل رسول الله صلىاللهعليهوآله والاحسان أميرالمؤمنين عليهالسلام والفحشاء والمنكر والبغي الثلاثة ، وأمثال ذلك أكثر من أن تحصى ، وشئ منها لاينافي العمل بظواهرها ، والاستدلال بها ، وقد حققنا معانيها وأشبعنا الكلام فيها في تضاعيف هذا الكتاب ، والله الموفق للصواب.
الثانى : تدل الاية على شرعية الاذان لتلك الصلاة ، وقد مر الكلام فيه والمشهور أن الاذان إنما يؤتى به بعد صعود الامام المنبر ، قال في مجمع البيان (١) في قوله تعالى ( وإذا نودي ) أى اذن لصلاة الجمعة ، وذلك إذا جلس الامام على المنبر يوم الجمعة ، وذلك لانه لم يكن على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله نداء سواه.
____________________
(١) مجمع البيان ج ١٠ ص ٢٨٨.