قال السائب بن يزيد : كان لرسول الله صلىاللهعليهوآله مؤذنان أحدهما بلال ، فكان إذا جلس على المنبر أذن على باب المسجد ، فاذا أذن أقام للصلاة ، ثم كان أبوبكر وعمر كذلك حتى إذا كان عثمان وكثر الناس وتباعدت المنازل ، زاد أذانا فأمر بالتأذين الاول على سطح دار له بالسوق يقال له الزوراء ، وكان يؤذن عليها ، فاذا جلس عثمان على المنبر أذن مؤذنة ، فاذا نزل أقام للصلاة ، انتهى ، ولذا حكم أكثر الاصحاب بحرمة الاذان الثاني وبعضهم بالكراهة.
واختلفوا في أن الحرام أو المكروه هل الثاني زمانا أو وضعا ، ويدل على استحباب كون الاذان بعد صعود الامام المنبر ، ما رواه الشيخ (١) عن عبدالله بن ميمون عن جعفر ، عن أبيه قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا خرج إلى الجمعة قعد على المنبر حتى يفرغ المؤذنون ، لكن تعارضه حسنة إبراهيم بن هاشم (٢) عن محمد بن مسلم قال : سألته عن الجمعة فقال أذان وإقامة يخرج الامام بعد الاذان فيصعد المنبر الخبر.
وهذا يدل على استحبابه قبل صعود الامام كما ذهب إليه أبوالصلاح ، حيث قال : إذا زالت الشمس أمر مؤذنيه بالاذان فاذا فرغوا منه صعد المنبر فخطب ، والاول مؤيد بالشهرة ، ويمكن حمل الثاني على التقية ، والتخيير لايخلو من قوة.
الثالث : ربما يتوهم رجحان العدو والاسراع إلى الجمعة ، لقوله تعالى : ( فاسعوا ) وقد عرفت أنه غير محمول على ظاهره ، وقد وردت الاخبار باستحباب السكينة والوقار إلا مع ضيق الوقت وخوف فوت الصلاة ، فلا يبعد وجوب الاسراع حينئذ.
الرابع : بناء على تفسير الذكر بالخطبة فقط أو مع الصلاة ، يدل على شرعية الخطبة بل وجوبها إذ الظاهر أن وجوب السعى إليها يستلزم وجوبها ، ولاخلاف في وجوب الخطبتين في الجمعة ولا تقديمهما على الصلاة في الجمعة إلا من الصدوق ره
____________________
(١) التهذيب ج ٣ ص ٢٤٤ ط نجف.
(٢) الكافى ج ٣ ص ٤٢٤ في حديث.