الاتيان بلفظ الفرض الذي هو أصرح العبارات في الوجوب وآكدها ، ثم قوله : ( على الناس ) كما في سائر الكتب لئلا يتوهم منه التخصيص بصنف وجماعة ، ثم ضمها مع الصلوات التي كلها واجبة عينا.
ثم قوله : ( وضعها عن تسعة ) فانه في قوة الاستثناء ، فيفيد تأكيد شمول الحكم لغير تلك الافراد ، ويرفع احتمال حمل الفرض على الوجوب التخييرى ، فان فيهم من يجب عليهم تخييرا بالاتفاق ، ولفظ الامام الواقع فيها وفي سائر أخبار الجمعة والجماعة لاريب في أن الظاهر فيها إمام الجماعة ، بقرينة الجماعة المذكورة سابقا.
فان قيل : لعل المراد بقوله خمسا وثلاثين صلاة الصلوات التي منها الصلاة الواقعة في ظهر يوم الجمعة أعم من الجمعة والظهر ، وقوله ( منها صلاة ) اريد بها فرد من واحدة من الخمس والثلاثين فهو في غاية البعد.
____________________
فاذا كان الخمس حقا كان كالدين فاذا أباح صاحب الحق والدين ؤاحله لهم ، صار ساقطا ، ولايكون بين الاباحة ووجوب الحق تعارض لان الاباحة فرع وجوب الحق كما أنه لاتعارض بين اباحة بعض وطلب بعض آخر ، ولذلك أباح الباقر والصادق ومن قبلهما عليهمالسلام عن حقهم وطلب حقه أبوالحسن الكاظم والرضا ومن بعدهما من الائمة الطاهرين كما ورد به الروايات.
فعلى هذا ، المحكم ما ورد عن صاحب الحق اليوم وهو المهدى امام عصرنا صلوات الله عليه ، وهو عليهالسلام وان طلب حقه في زمن الغيبة الصغرى ووكل لذلك وكلاء يقبضون حقه من الشيعة ، لكنه صلوات الله عليه لم يوكل أحدا عند غيبته الكبرى حيث قال في توقيعه المبارك إلى السمرى ( .. ولاتوص إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك فقد وقعت الغيبة التامة فلا ظهور الابعد اذن الله ) وصرح بالاباحة في توقيعه الاخر ( .. وأما الخمس فقد أبيح لشيعتنا وجعلوا منه في حل إلى أن يظهر امرنا لتطيب ولادتهم ولاتخبث ) ، وتمام البحث موكول إلى محله.