الاختلاف مبنيا على اختلاف الاذرع.
وقال أحمد بن محمد المقري في المصباح المنير : الميل بالكسر في كلام العرب مقدار مدى البصرى من الارض ، قاله الازهري ، والميل عند القدماء من أهل الهيئة ثلاثة آلاف ذراع ، وعند المحدثين أربعة آلاف ذراع والخلاف لفظي فانهم اتفقوا على أن مقداره ستة وتسعون ألف أصبع ، والاصبع ست شعيرات بطن كل واحدة إلى ظهر الاخرى. ولكن القدماء يقولون الذراع اثنتان وثلاثون إصبعا ، والمحدثون أربع وعشرون أصبعا ، فاذا قسم الميل على رأي القدماء كل ذراع اثنتين وثلاثين كان المتحصل ثلاثة آلاف ذراع ، وإن قسم على رأي المحدثين أربعا وعشرين كان المتحصل أربعة آلاف ذراع ، والفرسخ عند الكل ثلاثة أميال انتهى.
وقدر الاكثر الشعيرة بسبع شعرات من شعر البرذون ، وضبط مد البصر في الارض بأنه ما يميز به الفارس من الراجل للمبصر المتوسط في الارض المستوية ، وبالجملة الجمع بين هذه التقديرات والعلم بحصول كل منها في المسافات لاتخلو من عسر وإشكال ، والاولى رعاية الاحتياط فيما اشتبه من ذلك بالجمع بين القصر والتمام.
ثم اعلم أنه ذكر غير واحد من الاصحاب أن مبدأ التقدير من آخر خطة البلد في المعتدل ، وآخر محلته في المتسع عرفا ، ولم نطلع على دليله ، وقيل مبدأ التقدير مبدأ سيره بقصد السفر ، وقالوا : البحر كالبر ، وإن قطع المسافة في ساعة واحدة ، لان التقدير بالاذرع كاف في ثبوت الترخص ، قال في المنتهى : لانعرف في ذلك خلافا.
ولو تردد يوما في ثلاثة فراسخ ذاهبا وجائيا ، فان بلغ في الرجوع إلى موضع الاذان ومشاهدة الجدران ، فالظاهر أنه لاخلاف في عدم القصر ، وإن لم يبلغ فالمقطوع به في كلام الاصحاب أنه لم يجز القصر ، وخالف فيه العلامة في التحرير.
والاول لعله أقوى ، إذ الظاهر من أخبار المسافة كون ذلك في جهة واحدة